فجماعته هي جماعة المسلمين، وهى وحدها التي على الحق وما عداها من الجماعات فهي على الباطل، وكل ما تفعله جماعته فهو شرعي وكل ما يصدر عنها فهو الصواب، وكل تاريخها أمجاد، وكل رجالها وقادتها ملائكة!! فإن تحدث عن شيخه أو أميره في الجماعة، بالغ مبالغة كبيرة، فشيخه هو الأوسع علماً، والأقوى حُجة، والأنصع دليلاً، وإن قال شيخه قولاً صار حجةً لا ينبغي أن تناقش، وإن أفتى شيخه فتوى صارت مُلزمةً لا ينبغي أن تُرد، بل وقد يوالى ويعادى إخوانه عليها، علماً بأن الله تعالى ما تعبدنا بقول فلان أو فلان من العلماء والأئمة كلا، إنما تعبدنا بما جاء في القرآن الكريم وما صح عن رسوله الأمين ? وكل عالم أو إمام يؤخذ منه ويُرد عليه إلا المعصوم، فهو وحده الذي يؤخذ منه ولا يرد عليه، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحىُ يوحى، ومن أجمل ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - طيب الله ثراه - قوله: "وصاحبُ الهوى يُعميه الهوى ويصمٍّه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك، ولا يطلبه ولا يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه، ويكون مع ذلك معه شبهة دين: أن الذي يرضى له ويغضب له أنه السَّنة، وأنه الحق، وهو الدين، فإذا قدر أن الذي معه، هو الحق المحض دين الإسلام، ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، بل قصد الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء، ليُعظم هو ويثنى عليه، أو فعل ذلك شجاعة وطبعاً، أو لغرض من الدنيا لم يكن لله، ولم يكن مجاهداً في سبيل الله فكيف إذا كان الذي يَّدعى الحق والسنة هو كنظيره، ومعه حق وباطل وسنة وبدعة ومع خصمه حق وباطل وسنة وبدعة؟! " وهذه العقبة الخطيرة - اتباع الهوى - تحتاج من الدعاة إلى صبر طويل وإلى جهاد مرير لهوى النفس وشهواتها والاستعلاء على رغباتها طاعة لله وطمعاً في رضاه وهذا لا يكون إلا بالتجرد والإخلاص والعمل ابتغاء مرضاة الله جل وعلا، بغض النظر على لسان من أُعلنت كلمةُ الحق ما دامت كلمةُ الحق ستقال، وبغض النظر عن من الذي سيرفع راية الإسلام ما دامت راية الإسلام ستظل مرفوعة خفاقة عالية تعانق كواكب الجوزاء، وبغض النظر عن مكاننا على طريق الدعوة هل هو في مكان الصدارة والقيادة أم هو في المؤخرة بين صفوف الجنود ما دام عملنا على طول الطريق خالصاً لله جل وعلا. ()
فالمقصود: أن هذين الأمرين: الجهل واتباع الهوى هما أشد العقبات على تنوعها، أما توحيد الصف المسلم لمواجهة الطغاة والظالمين في الداخل والخارج، فطريق النجاة وتوحيد الأمة والدعاة يرجع بعد كل هذا إلى:
1 - رفع الجهل من النفوس والمناهج بحقيقة الدعوة وأصولها وفق الكتاب والسنة، ومتابعة أهل العلم في بيان ذلك.
2 - الاتفاق على أن منهج السلف هو المنهج الإسلامي الوحيد الذي يحتوى في أصوله ومبادئه، أصول توحيد الأمة والصف المسلم، كما أنه يدعى إليه لا إلى غيره. فنحن ندعوا إلى الأصيل لا إلى البديل عنه، وكما جاء:" ومن شذ شذ في النار"، فيجب على الأمة اتباعه دون تذبذ أو التواء.
3 - التجرد والإخلاص، وترك متابعة الأهواء والنفوس والمناهج التي تخالف الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
4 - توحيد الهدف والغاية من كل هذه الدعوات، بأن يكون تحكيم شريعة الله في الأرض، وتعبيد الناس لهذا الشرع الذي هو تعبيد لهم لله وحده دون من سواه من البشر والقوانين والطواغيت.
5 - ثم تربية الجيل المؤمن على ذلك، وكما أشرنا من قبل، عندها لن يتأخر وعد الله لنا بالنصر والتأييد والتمكين كما قال تعالى:" إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم".
المصدر: شبكة القلم الفكرية