أما النهي عن المنكر: فالمنكر والمحرم كل نهي نهانا عنه الله ورسوله، وجاءت الشريعة بتحريمه والوعيد عليه، وكما قلنا أننا جميعاً في سفينة واحدة فإن غرقت غرق الجميع، فالمسلم ليس بالفاقد للبصيرة، وليس بالمتغابي عن الواجبات والمنكرات والحرمات، يهز كتفيه للمنكر ثم يقول أمر لا يعنيني فلم أتدخل فيه، هذا ولا ريب نوع من السلبية القاتلة التي يكون آخرها عقاب وغضب من الله تعالى، ولن يلحق شخص بعينه بل على كل المجتمع يقع العقاب، وترك النهى عن الشيء المنكر والمحرم من أنقص صفات بني إسرائيل التي ذكرها الله تعالى لنا في القرآن، حتى نأخذ الدرس والعبرة منهم "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون".
إن المجتمع الغربي والأوربي وغيره من المجتمعات الكافرة، لا تلتفت كثيراً إلى شيء من هذه المنكرات أو تعبأ بوقوعها، إلا فيما كان عائداً لهم بشيء من مصالح الدنيا الفانية الرخيصة، فهم لا ينكرون منكراً ولا يعرفون معروفاً إلا بقايا ورثوها وتناسوها على طول الزمان، فجل شوارعهم تحولت إلى دور سينيما، وملاهي ليلية، ذات اليمين وذات الشمال، ومواقعة للفاحشة اللهم إلا خشية ملاحقة القانون الذي لا يردعهم ولا يهذب نفوسهم وأخلاقهم.
وطرقات المسلمين اليوم قد وقعت فيها كثير من مخالفات الشريعة وتعدي حرمات الله تعالى من الغش في البيع والشراء، والظلم، ... وتبرج النساء والعري والتهتك المائع الرخيص، ... وانتشار المقاهي ودور السينيما وعلوا الأصوات بالغناء والفحش من القول والبذئ منه ... وغير ذلك.
فالمسلمون يجب عليهم في حياتهم عامة، وفي طرقهم خاصة النهي عن كل ما يغضب الله تعالى، ويخالف شريعته وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وألا يشارك الناس بعضهم بعضاً في معاصيهم ومحرماتهم.
بل الواجب على المسلم أن ينهي ويأمر ويرشد ويعلم ... ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة والأسلوب المهذب المقبول للنفوس، حتى لا يفسد من حيث يريد الإصلاح، أو يهدم من حيث يريد البناء، فالأمر بالمعروف إنما يكون بالمعروف، والنهي عن المنكر إنما يكون بغير منكر.
وهذا أمر جاء به القرآن وجاءت به السنة النبوية ويحتاج إلى مزيد بيان وبسط في موضع آخر، والحديث جمع آداباً جليلة حقاً لو استقام المسلمون عليها لرأينا مجتمعاً راقياً في أخلاقه، عالياً في آدابه، آمنا في معاملاته، ... لأنه أقام شريعة الله تعالى فيما أراد الله له.
كما يجب على المجتمع الإسلامي ألا يرضي أن يحكم حياته وأوضاعه القوانين الغربية الكافرة، بل على المجتمع أن يعلن في كل موقف رفضه لهذه القوانين التي هي من صنع البشر، وليست من منهج الله، والتي تبعده عن منهج القرآن والسنة، الذي ضمن الله لنا السعادة في الدنيا والآخرة.