البعيدة. أما الذي يرى البلد من الطيارة فيراها كلها؛ يرى شوارعها وحدائقها وساحاتها، يبصر حدودها ويدرك شكلها، يعطيك وصفاً لها فيه العموم والصدق والشمول وإن لم تكن فيه التفاصيل.
فتعالوا نلق على المجتمعات الإسلامية -عامة- نظرة من الطيارة، من مركبة الفضاء، فما حال هذه المجتمعات؟
هل هي مجتمعات إسلامية تماماً تطبق أحكام الإسلام؟ الجواب: لا.
لا. أقولها صريحة؛ فنحن في مقام النقد والتقويم، لا في موقف المجاملة. أنا هنا كالطبيب؛ والطبيب إذا وجد حرارتك أربعين ووجدك مصاباً بالحمى فجاملك وقال لك: أنت سليم، ما بك شيء، هل يكون طبيباً ناصحاً؟
إن مجتمعاتنا ليست إسلامية تماماً، إن التلميذ يقرأ في دروس الدين أن الخمر حرام ثم يرى الخمارات مفتوحة، وأن كشف العورات حرام ثم يرى العورات مكشوفة، وأن الكذب والغش والظلم والعدوان حرام ثم يرى الكذابين والغشاشين والظالمين والمعتدين في كل مكان.
فكيف تكون مجتمعات إسلامية والمنكرات فيها معلنة، والفرائض مضاعة؟ نقرأ ونتعلم أن الصلاة عماد الدين، ثم نرى الأسواق ممتلئة بالناس والسيارات غادية رائحة أمام المسجد يوم الجمعة والصلاة قائمة. والمصلي يرى أخاه تاركاً للصلاة فيصادقه ولا ينكر عليه، ويبصر زوجته أو ولده تاركين للصلاة فلا يبالي ولا يهتم. ونجد المطاعم مفتوحة في رمضان والآكلين يأكلون ظاهرين غير متوارين ولا مستترين.
فهل هذه مجتمعات إسلامية؟ لا أظن أن في الدنيا من يستطيع أن