الناس؟ فأبت وقالت إنها تريد جنازة فخمة. فقلت: إن الجنازة لا تفيدك في الآخرة بل يفيدك العمل الصالح. فأبت.

وهذه وصية واحدة من مئاتٍ تسجل كل سنة في محكمة واحدة فقط، فكم يبلغ مجموع الوصايا في البلاد الإسلامية كل سنة؟

إن هذه الوصايا يريد أصحابها الخير والثواب ولكن ما عرفوا طريقه. ولو تألفت لجنة لتنظيم هذه الوصايا وإقناع أصحابها بوضعها في طرق الخير؛ في صدقة جارية، أو علم نافع: فتح مدرسة، أو طبع كتاب، أو تشجيع طلبة العلم الديني، ثم عُمل لها صندوق لحققت أعمالاً نراها الآن كالخيال.

الوصية سنّة، وكل مسلم عليه أن يعد وصية. وإن كان الأفضل أن تنفق في حياتك؛ أن تنفق وأنت صحيح شحيح تخاف الفقر وترجو الغنى، كما جاء في الخبر.

أراد شيخ من المشايخ أن يعرّف تلاميذه الفرق بين من ينفق في حياته وبين من يوصي بالإنفاق من بعده، وكان يمشي معهم في زقاق مظلم ومعهم فانوس فيه شمعة، فأخر الفانوس ومشى به وراءهم فلم يروا طريقهم إلا قليلاً، فقدمه ومشى به أمامهم فكشف لهم الطريق. فقال: هذا هو الفرق بين من يقدم الصدقة بين يديه وبين من يؤخرها. وإن كان تأخيرها والوصية بها فيه ثواب.

الوصية سنة، ولكن لا يجوز أن يوصي لأحد من ورثته، فإن الله هو الذي تولى توزيع الإرث. فإذا فأراد إعطاء أحد من ورثته فليعطه في حياته، مع العلم بأن تمييز أحد على أحد في العطاء -بلا سبب- غيرُ شرعي. إذا كان لك زوجتان فوهبت لهذه في حياتك داراً أو ألف ريال وحرمت الأخرى، أو أعطيت أحد الأولاد ما لم تعطه الآخر، فإنك تأثم. إلا إذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015