في صباح يوم الأحد الثاني من رمضان سنة 1387 هـ - الثالث من ديسمبر سنة 1967 م دعي الأستاذ فؤاد سيَّد فأجاب وخسرت مصر والعالم العربي بوفاته عالماً فرداً، ظل يعمل في دنيا المخطوطات العربية قرابة الأربعين عاماً، درساً وتمثلًا وتصنيفاً؟ .
إن حياة هذا الرجل صورة فذة، جمعت أجزاؤها كل جلال النبوغ الفطري والتحصيل الذكي الدؤوب والعصامية التي استعلت على قسوة المنشأ وباركتها عناية الله حتى استوت علماً نافعاً فيه خير وبركة ونماء.
ولد الأستاذ فؤاد سيَّد عمارة في القاهرة (بدرب الأغوات في حي الدرب الأحمر) يوم 20 أكتوبر سنة 1916 م لأب رقيق الحال، توفي عنه سنة 1932 م، ولم تكن له عمومة يعتزي إليها ويشرف بها، أو خؤولة تصونه وترعاه، فدب على الطريق وحيداً إلا من دعاء أم لا تملك سوى الدعاء وقد أشقاها الترمل وأرَّقها الخوف على الصبي اليتيم، ولم يصب الفتى من التعليم غير مرحلة «الكتاب» ثم أربع سنوات قضاها بمدرسة عبد الباقي الشوربجي الأولية بشارع جامع البنات، ويترك الصبي المدرسة ليعمل بمطبعة كانت تسمى المطبعة الملوكية، بجوار دار الكتب المصرية على يمينك وأنت تريد ميدان العتبة.
وفي سنة 1929 م يلتحق الصبي بدار الكتب المصرية عاملًا بمطبعتها في تصفيف الحروف، ثم يدلف الفتى على استحياء إلى مخازن الدار وفهارسها العربية