الإِنجليزي، أو فلان الفرنسي، والرجل ساكت لا ينطق، مجامل لا ينفي، وكأنه يقول في نفسه: "لا والله ليس الطريق هنالك! ". على أن أديبًا من هؤلاء الأدباء أعطى لنفسه خصوصية عجيبة بنجيب محفوظ، فهو لا يزال يشعرنا بأنه الأقرب والأحظى عند الأستاذ، وأنه مستودع سره، ومستراح ضميره، ويقول مرة: أبي نجيب، ومرة: عمي نجيب، ثم يتمادى فيرد أدبه إلى أدبه، ويقرن فنه بفنه، ويا بُعد ما بينهما!
ويذكر تلاميذ الأستاذ العقاد وجلساؤه أن ذلك الكتاب الذي كتبه هذا الأديب الشهير والصحفي الكبير عن "صالون العقاد" فيه تزيد غير قليل على العقاد، وأن قدرًا كبيرًا من المكتوب إنما هو عن الكاتب لا عن العقاد، هكذا قالوا والعهدة عليهم، فاني لم أجالس العقاد رحمه الله، وقد فاتني بذلك خير كثير.
على أن هذا كله يذكرنا بمثل عربي آخر، هو قولهم: "سيرين فِي خرزة"، والسير معروف، وهو من الجلد يصُنع منه النعال، ويضرب هذا لمن يجمع حاجتين في حاجة واحدة، وما أصدق العرب في أمثالها وحكمها!