بمقدمة محكمة، أبانت فيها عن مناهج الحدثين، ثم نقدت النشرات السابقة للكتاب، وقد رأت من تمام الفائدة أن تلحق بالكتاب نصاً يتصل به، هو: "محاسن الاصطلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح" لسراج الدين عمر بن رسلان البلقيني المتوفى سنة (805 هـ)، ومن أعمال بنت الشاطئ التراثية أيضاً تحقيق الجزء الثالث من "المحكم في اللغة" لابن سيده.
فهذه نصوص أربعة من أصول علومنا، نهضت بها بنت الشاطئ، تحقيقاً وضبطاً، مع تأليفها لكتاب نافه، هو: " ترثنا بين ماضٍ وحاض"، ولولا اشتغالها بالتدريس والتأليف لكان لها في ميدان تحقيق النصوص أثر كبير.
ولا يبقى من حديث الدكتورة بنت الشاطئ إلا أمر شغلني زماناً، ولا زلت في عجب منه إلى يوم الناس هذا: إن بنت الشاطئ لا تفتأ تذكر فصل شيخها وزوجها الأستاذ أمين الخولي، فهو الذي علمها كيف تقرأ، وهو الذي هداها إلى المنهج، إلى أشياء كثيرة تسليمها كلما جاء ذكر الشيخ لكني أجد مباينة بين التلميذة وشيخها فيما يتصل بالبيان وطرائق القول- أو فن القول، كما كان الشيخ يقول- فأسلوب بنت الشاطئ أسلوب عذب ندى، يترقرق فصاحة وصفاء وإشراقاً، وهو أسلوب ترى فيه أثر القرآن الذي تلقته صبية من فم أبيها الشيخ الصوفي، ثم هو من بعد ذلك أسلوب عال موصول بالنسب أصحاب البيان، كالجاحظ وأبي حيان ومصطفى الرافعي ومحمود محمد شاكر.
أما أسلوب الشيخ، فهو أسلوب حاد صارم، كأنما يستمد صرامته من صرامة المنهج الذي أخذ به نفسه، وهو ذلك المنهج الذي ما زال تلاميذه يحمدونه له، ويجهرون به ويردونه إليه، ولو شئت لقلت: يبجحون به (أي يفتخرون)، وهؤلاء الكتاب الذين يسرفون في قيود ما يسمونه المنهج وضوابط، ويصعب عليهم- عن عمد أو غير عمد- أن يرطبوا ألسنتهم، أو يزينوا أقلامهم بشئ من نداوة الكلام وسماحته ويسره، كأنهم يريدون أن يظلوا بمنجاة من الذاتية أو التأثيرية (أو كلام الإنشا) فتأتي عباراتهم وفيها قدر غير يسير من الجفاف والعسر، لأنهم يغرقون في