وفاة الشيخ كتاباً نشره بالأهالي، سمَّاه: صدام الأصالة والمعاصرة - محمود شاكر ولويس عوض. وكان قد كتب كتاباً كبيراً في القضية نفسها، سمَّاه: لويس عوض ومعاركه الأدبية، وأهداه إلى الشيخ محمود في حياته، وكتب بخطه: "إلى الصديق الكبير الذي أحببته كثيراً، واختلفت معه كثيراً، وتعلمت منه الكثير، إلى الأستاذ محمود شاكر بطل هذه المعارك ومفجرها مع أجمل أمنياتي. نسيم مجلى 6/ 1/1995".
فلمَّا غاب وجه محمود شاكر بالموت، رَتَعَ نسيم مجلى في لحمه، وإذا الذي كان همساً صار صراخاً، والذي كان تلميحاً أضحى تصريحاً، وإذا الذي كان كلاماً في الحواشي بالبنط الصغير، قفز إلى المتن بالبنط الكبير، فكان هذا الكتاب الذي صدر عن الأهالي، وسأعود إليه في آخر المقالة.
لكني أعجب كل العجب من الأستاذ نسيم مجلى، فقد كنت أشهد استقبال الشيخ محمود له وحفاوته به وتوديعه له على باب المصعد، وقوله له: ابقى تعال يا نسيم، وهي كلمة حانية من الشيخ، لا يقولها إلا لمن يحبه ويودَّه، ويا ليته كان قد قالها للأستاذة صافيناز (وكنا خُلُصنا).
فهاأنذا يا أستاذ نسيم أنشدك قول أبي العلاء:
فيسمع مني سجعَ الحمامِ ... وأسمع منه زئيرَ الأسَد
ثم أترك الأستاذ نسيم لأصل إلى الأستاذ سمير غريب في كتابه الذي صدر أخيراً عن دار الشروق بعنوان (في تاريخ الفنون الجميلة)، وفي ص 79 منه ينقد مقالاً للأستاذ محمود شاكر، نشره في مجلة الرسالة بتاريخ 12 فبراير 1940 م، وكان محمود شاكر يرد على الدكتور طه حسين كلمة له عن "الفن الفرعوني"، والأستاذ سمير غريب لم يشهد تلك الأيام، فكأن هذه المقالة الشاكرية التي قضى عليها (58) عاماً فد دُسَّت إليه دساً للهجوم على الرجل (لاحظ أن ما ذكره سمير غريب في كتابه ص 81، عن رأي محمود شاكر في الفن الفرعوني، هو نفس ما ذكره نسيم مجلى في