السادات - وإن كان ذلك حبيباً إليّ - ولكني أريد أن أقول: إن الأعمال الموسوعية ينبغي أن تبرأ من الهوى، وتتصف بالحيدة والموضوعية.

سقطات:

ومن ذلك أيضاً ما ذكره في ترجمة الأديب "عبد الرحمن الشرقاوي" قال: "أديب وشاعر متجن على تاريخ الإِسلام ورجاله، نعته الشيخ محمد الغزالي بأنه يجمع القمامات من كتب التاريخ". ثم قال الباحث: "له تآليف ذميمة، منها الفتى مهران مأساة جميلة "، إلى آخر ما ذكر.

يا سيدي الفاضل، نحن لا نترجم للناس لكي نهينهم ونهوي بهم! وأرى أنه إذا بلغ منك الرجل هذا المبلغ من البغض والشنآن، فأسقطه من كتابك، وإذا سئلت عنه فقل: لا أراه جديراً بالترجمة.

إن مؤرخينا القدماء كانوا أكثر إنصافاً وموضوعية، فمؤرخ الإِسلام الحافظ الذهبي (748 هـ) يترجم للحجاج بن يوسف الثقفي، ذلك الجبار الذي يكاد الناس يجمعون على بغضه واستبشاع ما صنع، يقول عنه الذهبي: "وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة"، فذكر له "حسنات"، وانظر: سير أعلام النبلاء 4/ 343.

ومن أجمل وأحكم ما رايته من مغالبة الهوى وقهر نوازع النفس، مع عدم إغفال الرأي الخاص، ما ذكره شيخنا محمود شاكر في شأن مستشرق يهودي صحَّح له خطأ وقع فيه فقال في ص 395 من طبقات فحول الشعراء: "وكنت أخطأت بيان ذلك في طبعتي السالفة من الطبقات، فجاءتني من الأرض المقدسة التي دنستها يهود، رسالة رفيقة من (م. ي. قسطر) فدلني على الصواب الذي ذكرته آنفاً، فمن أمانة العلم أذكره شاكراً كارهاً لهذا الذكر"، فانظر وتأمل، كيف اعترف بالصنيعة وشكرها، ثم لم يخف ما في نفسه.

ونعود إلى ترجمة "عبد الرحمن الشرقاوي"، فمع كل ما ذكره الباحث من إساءة إليه لم يذكر أهم أعماله الأدبية، وهي رواية "الأرض".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015