وتجليدها، ثم تسجيلها على الكمبيوتر. ويشيع في هذه المكتبة جو من السكينة والجلال لم أحسهما في مكتبة من مكتبات المخطوطات شرقاً وغرباً.
أما الخدمة المكتبية في هذه المكتبة فشيء معجب حقاً، تطلب المخطوط فتأتيك به الموظفة تحمله بين يديها في حنو وحدب وإشفاق، وكأنه وليد طال انتظاره، على ما قال ساعدة بن جؤية الهذلي:
أتاها على هون وقد شاب رأسها ... وحين تصدى للهوان عشيرها
ثم تظل عيناها معلقة بك وبه، فإذا رأت منك جفاء مع المخطوط، كاتكاء بيدك عليه، أو بل إصبعك لتقليب صفحة من صفحاته، أو اتخاذه سناداً لما تكتب ردتك عن ذلك رداً جميلًا، ولهذا ترى كثيراً من المخطوطات محتفظة بروائها وحمالها، وكأنها خرجت من يد النساخ للتو واللحظة.
وتوشك هذه المكتبة السليمانية أن تكون المكتبة المركزية العامة للمخطوطات، فإن وزارة الثقافة التركية تعمل على نقل المخطوطات إليها من الأقاليم البعيدة لتكون قريبة من الباحثين.
وإذا كانت تركيا تملك أكبر قدر من المخطوطات في العالم، فإنها كذلك تحتلفظ بأكبر قدر من النفائس والنوادر، وللنفاسة والندرة في عالم المخطوطات معايير كثيرة، من أبرزها وأظهرها قدم المخطوط، ونجد في مخطوطات تركيا كتباً ذوات عدد يرجع تاريخ نسخها إلى القرون المتقدمة: كالثالث والرابع والخامس والسادس، فضلاً عن المخطوطات التي كتبت بأقلام مؤلفيها أو تلاميذهم، والمخطوطات الفريدة التي لا تُعرف لها نسخ أخرى في مكتبات العالم، كل ذلك وأشباهه مما تغص به مكتبات تركيا، فمن نماذج القدم والعتاقة هذه المخطوطات:
المأثور عن أبي العميثل الأعرابي، في اللغة، المتوفى سنة 240، نسخ سنة 280، بخط نسخ مشكول بالحركات شكلاً جيداً، وهذا يفيد في معرفة تاريخ الشكل بالحركات، كيف كان في ذلك الزمان المتقدم. والنسخة بمكتبة ولي الدين باستانبول - دستور ثابت بن قرة المتوفى سنة 288 - وهو كتاب في آلات الساعات - نسخ