سيد بن علي المرصفي، والشيخ حمزة فتح الله، ثم جاءت طبقة تلاميذهم من قراء الشعر الجاهلي وشراحه، مثل الأستاذ محمود محمد شاكر، والدكتور طه حسين، والطبقة التي جاءت بعدهما مثل الدكتور نجيب محمد البَهْبِيتي، والدكتور عبد الله الطيب المجذوب ... وهلمَّ جرّاً إلى أساتذة الأدب ودارسيه بالجامعات وغير الجامعات.

فأنت ترى أن الشعر الجاهلي في أصلاب كريمة، ووعته صدور حافظة، وحملته أيدٍ بارة، وأدَّته ألسن ذكية. وهؤلاء العلماء المحدثون الذين ذكرتهم إنما قرأوا الشعر الجاهلي وغير الجاهلي في الكتب الصفراء.

فإذا تركنا حديث الشعر الجاهلي ونظرنا في تراثنا كله المطبوع في مطبعة بولاق والمطابع الأهلية الأخرى بمصر وسائر بلاد الدنيا، وجدنا كله - وبخاصة أواخر القرن الماضي والربع الأول من القرن الحالي - قد جاءنا في الورق الأصفر، فقد قرأنا تفاسير القرآن الكريم ودواوين السُّنَّة المطهَّرة في الورق الأصفر، وكذلك كتاب الأم للشافعي، وكتاب سيبويه، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، وتاريخ الطبري وابن الأثير، ومقدمة ابن خلدون، والفتوحات المكية لابن عربي، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية، ووفيات الأعيان لابن خلكان، ونفح الطيب للمقري، وألف ليلة وليلة ... وسائر كتب الحضارة العربية والإسلامية. وكذلك الكتب المترجمة يومئذ إلى العربية في أنواع العلوم، كالطب والهندسة والفلك والرياضيات والعلوم الحربية. وكذلك كان الشأن في كثير من مطبوعات أوروبا من الكتاب العربي وغيره.

يقول العلامة الدكتور عبد الله الطيب المجذوب، صاحب الكتاب العظيم «المرشد إلى فهم أشعار العرب» في محاضرة ألقاها بنادي ناصر الثقافي بالخرطوم: «وأشهد على نفسي أني عندما كنت أدرس في الخارج - يعني لندن - كنا ندرس بعض القطع المسرحية لشكسبير، فكان التلاميذ معنا يُسَمَّع بعضهم لبعض القطع عن ظهر قلب، حتى أمثال «يطارده القتلة» أو «يخرج بطارده سبع». كانت لهذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015