محمد رشاد عبد المطلب - أبو زوجته رحمه الله) حدثني أنه دعي هو والشيخان عبد العظيم زاهر وطه الفشني لافتتاح إذاعة العربية السعودية بجدة، وكان ذلك في مسم حج كان معهم من المذيعين الأستاذ عبد الحميد يونس، والأستاذ علي الراعي (الدكتور فيما بعد) وافتتح المشايخ الثلاثة الإذاعة السعودية، ثم سجلوا لها بعض التسجيلات لإذاعتها.
فيما بعد قال الشيخ الدوري: ثم جاءنا الأستاذ عبد الحميد يونس أو الأستاذ الراعي وقال لنا إنَّ الإخوة السعوديين يتركون لكم تحديد الأجر المناسب لما قرأتموه، يقول الشيخ الدوري: فبكيت وقلت: كيف نأخذ أآجراً على قرآن قرأناه في البلد الذي نزل فيه القرآن؟ انتهى كلامه. وأقول: أين هذا من بعض قرَّاء هذا الزمان الذين لا يصعدون إلى دكة القراءة حتى يأتيهم إيصال الإيداع على رقم حسابهم بالبنك بالآلاف؟
وفي القاهرة أدرك الشيخ مصطفى إسماعيل طائفة من كبار المنشدين، أصحاب التواشيح الذين خلفوا الشيخين: إبراهيم الفَرَّان وإسماعيل، وعلى رأسهم الشيخ المتفنن علي محمود (صاحب الأذان الشهير) والشيخ درويش الحريري، والشيخ سيَّد موسى، ثم الشيخ محمود صُبْح، ذلك الرجل العجيب الذي كان يتحدى في أسطواناته أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، أن يأتيا بمثل ما يأتي به من الجواب وجواب الجواب، وكان يقطع إنشاده عقب كل «قفلة» ويتحداهما.
نزل الشيخ مصطفى إسماعيل القاهرة وهي تموج بهذه الأصوات: قراءة وإنشاداً، أصوات عجيبة مبدعة، جعل الله لكل منها شِرْعةً ومنهاجاً، حتى جاء الشيخ مصطفى فزلزلهم زلزالًا، فكان مثل المتنبي الذي جاء فملأ الدنيا وشغل الناس، نعم جاء الشيخ بأفانين من النغم، وتصرفات في المقامات لا قبل لهم بها، وهو لم يتلق أصول النغم عن أحد، ولم يحاك أحداً من أصحاب الأصوات، وإنما هي الفطرة والموهبة، وفضل الله الذي يختص به من يشاء من عباده. ولقد قوبل الشيخ مصطفى