ولم يكن في تقديري البقاءُ بتلك الديار المباركة أكثر من عامين أو ثلاثة، لأعود إلى عملي بمعهد إحياء المخطوطات بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم - ومعهد المخطوطات هي بيتي وشبابي وأحلامي - ولكن شاء ربك أن تمتد الإقامة أحد عشر عاماً، فكنت كما قال أحمد بن الحسين بن حيدرة، الشاعر المعروف بابن خراسان (497 هـ):

نزلنا على أن المُقام ثلاثةٌ ... فطابتْ لنا حتى أقمْنا بها عَشْرا

* * *

وكان مما قدر الله وقضى أن أترك مركز البحث العلمي؛ للتدريس بقسم الدراسات العليا العربية، والإشراف على بعض الرسائل الجامعية العليا. وكانت أياماً زاكية مباركة، قرأت فيها مع إخواني الشباب (?) هناك شيئاً من علوم العربية، وقد أعطيتهم وأعطوني، أعطيتهم خبرة الأيام، وثمار مجالسة أهل العلم ومشافهتهم والرواية عنهم، وأعطوني حماسة الشباب وتوقده، بل إنهم فتحوا لي أبواباً من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015