لابن مالك أيضاً، نشر شيء من شروحه، وبقي أضخم وأحفل شرح له، وهو شرح أبي حيان المسمَّى: «التذييل والتكميل».
وعلى كثرة ما نشر من كتب علم القراءات القرآنية، فلا يزال هناك كتابان على غاية من القيمة والأهمية، أولهما في القرن الرابع، وهو كتاب «الحجة في علل القراءات السبع» لأبي علي الفارسي، والثاني في القرآن العاشر، وهو «الطائف الإشارات لفنون القراءات» للقسطلاني شارح البخاري. ويمثل الكتاب الأول قيمة كبرى في ميدان الدراسات اللغوية والنحوية والاشتقاق والأصوات ولهجات القبائل، وإلى الثاني المنتهى فيما يتعلق بالقراءات العشر والأربعة الزائدة عليها، وعلم الوقف والابتداء، ومرسوم الخط العثماني، مع ما عرض له من مباحث أخرى تتعلق بالذكر الحكيم.
وفي ميدان تفسير القرآن الكريم ما زالت هناك أسفار ضخمة تمثل خير تمثيل تلك الحلقات المفقودة. ومن تلك الأسفار كتاب «البرهان في علوم القرآن» لأبي الحسن الحوفي المصري المتوفى سنة 430 هـ. وكتابه هذا ضخم جداً، تقع مخطوطته في نحو ثلاثين مجلداً، ولا تقل إن «البرهان» للزركشي، و «الإتقان» للسيوطي يكفيان، فهذان بالنسبة إلى كتاب الحوفي قطرة في بحر، مع اختلاف المنهج والمادة العلمية. ومنها «البسيط» في التفسير، لأبي الحسن الواحدي المتوفى سنة 468 هـ، وكتابه كبير أيضاً (والبسيط هنا بمعنى المبسوط الواسع، فعيل بمعنى مفعول، وليس على ما سيظنه بعض العامة بمعنى الموجز المختصر). ومنها «الكشف والبيان في تفسير القرآن» لأبي إسحاق النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة 427 هـ وهو كتاب كبير أيضاً، وقد رأيت منه نسخة نفيسة مكتوبة في السنوات 626 هـ - 630 هـ بمدينة الفيوم، وهذه النسخة المخطوطة محفوظة بالمكتبة المحمودية بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام، وصورتها لمعهد المخطوطات بالقاهرة سنة 1973 م.