وفي دار المعارف، حيث عمل الفقيد العزيز، وقعت عليه عين فاحصة، هي عين الدكتور صلاح الدين المنجد، مدير معهد المخطوطات آنذاك - ولهذا الرجال أثر بارز في تاريخ المعهد - وقد التقطه الدكتور المنجد ليكون له عوناً وسنداً، فيما كان يرومه وينشده من أعمال المعهد.
وصار محمد مرسي الخولي عضواً نشطاً في معهد المخطوطات، وشارك في مختلف أعماله: مفهرساً لمصوراته، ودليلًا لزائريه، ومصححاً لمطبوعاته، ومحرراً لمجلته، ومسؤولًا عن نشرته، وموفداً في بعثاته.
وكان، رحمه الله، حلو الشمائل، رقيق الطبع، مرهف الحس، ولم يكن يضيق بالزائرين، على كثرتهم وإزعاج بعضهم، ولقد كان من قضاء الله عليه أن داهمته علتان منهكتان، واستبد به داءان عُضالان: القلب والربو، ولقد قاسى منهما كثيراً، وفي سنواته الأخيرة عرض عليه رؤساؤه أن يخلد إلى الراحة غير مقطوع عنه رزقه، ولا مسلوب منه حقه، ولكنه رفض، وظل متشبثاً بموقعه في معهد المخطوطات يفيد ويدل، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
ومن عجيب أمره - رحمه الله - أنه كان مع اشتداد العلة، وتفاقم الداء، متيقظ الحس، مشبوب الذاكرة، لم يسقط عليه شيء من كنوز المعهد، ما فهرس من هذه الكنوز، وما لم يفهرس، ولقد أخبرني من نعاه إلى أنه رآه في المعهد قبل موته بيوم واحد.
وقد حصل الفقيد، رحمه الله، على درجتي «الماجستير» و «الدكتوراه» من كلية اللغة العربية، وكانت أطروحته الأولى: تحقيق ديوان أبي الفتح البستي، وكانت الثانية: تحقيق الجزء الأول من كتاب «الجليس والأنيس» للمعافى بن زكريا الحريري، وقد أشار إليه العلامة الزَّرِكلي في الأعلام 7/ 260 «الطبعة الرابعة».
ثم كان له نشاط في تحقيق الكتب ونشرها، فمن ذلك
1 - بهجة المُجالس وأنس المجالس - للحافظ ابن عبد البر، صاحب الاستيعاب، طبع في جزئين، نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب.