ووجّه البيهقي كون حديث "إنما الأعمال" ثلث العلم بأنَّ كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه، فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها، لأنَّها قد تكون عبادة مستقلة، وغيرها محتاج إليها (?).
وقد يقال إنَّ القول مندرج في العمل الظاهر، وبذا يكون الحديث نصف العلم لا ثلثه، وهذا منقول عن الإِمام الشافعي رحمه الله، قال: "يدخل فيه نصف العلم" ووجه ما قاله: "أن للدّين ظاهرا وباطنا، والنيّة متعلقة بالباطن، والعمل هو الظاهر، والنيّة عبودية القلب والعمل عبودية الجوارح" (?).
والذي يلفت النظر أنَّ العلماء وإن اختلفوا في تحديد الأحاديث التي هي قواعد الإسلام ومدار الدين، وفي تعليل كونها كذلك، إلاّ أنّهم اتفقوا جميعا على أن حديث "إنما الأعمال" أحد قواعد الإسلام، وأصل من أصوله (?). بل هو كما يقول النووي: "أعظم هذه الأحاديث" (?).
وهذا الحديث من جوامع الكلم، وهو يدخل في غالب مسائل الفقه وأبوابه، فابن مهدي يرى أنه يدخل في ثلاثين بابا من العلم، أما الشافعي فإنّه يرى أن "حديث النية يدخل في سبعين بابا من الفقه، وما ترك لمبطل، ولا مضار، ولا محتال حجّة إلى لقاء الله تعالى" (?).
وقد أخطأ الذين ظنوا أنَّ الشافعي أراد المبالغة عندما قال: إنَّ هذا الحديث يدخل في سبعين بابا (?)، ولا أدل على خطئهم من الإِحصاء الذي قام به