كنوز خيرة تتحدث عن هذا الموضوع وتجليه.

لم أشكُّ، والحمد لله من قلَّة المادة العلمية، فمباحث النيات من أوائل المسائل التي يتناولها العلماء والباحثون بالبسط والإيضاح، لأهميتها، ولأنَّ الترتيب الفقهي المنطقي يحتّم كون النيات في طليعة المسائل الفقهية. ومن الملاحظ أنَّ علماءنا الأوائل كانوا يفصِّلون في المباحث الأولى التي يتناولونها تفصيلا، لأنَّ عزائمهم في البدايات تكون قويَّة، وهممهم لا تزال تتطلع إلى تجلية الحقائق واستقصاء المسائل.

إلا أن الذي عانيت منه كثيرًا تضارب الآراء واختلافها، وقد أحوجني ذلك إلى كثرة ترديد النظر في الحجج والبراهين التي يوردها المتنازعون، وقد أكثرت من الاستشهاد بنصوص الأدلَّة القرآنية والحديثية، كي أصل إلى النتيجة السليمة التي يطمئن لها القلب وترضى بها النفس، وهذا منهج أحرص عليه دائمًا، فهدي المسلمين الذي علمناه أن يقتفي التابعون نهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة المرضيين ولا يُخْرَج عن أقوالهم بحالٍ من الأحوال.

لم أكتف وأنا أقلِّب الكتب بالمطبوع منها، بل بذلت جهدي في الحصول على المخطوطات التي لم تر النور بعد، وصورت ونسخت ما تيسر لي منها، وبقيت مخطوطة (?) حرصت حرصًا شديدًا على الحصول عليها، وطال التطلاب لها ولم أعثر على مكانها إلا مد فترة وجيزة، فقد اطلعت على فهارس المكتبة العامة في المغرب الأقصى، فوجدتها ضمن خزانتها العامرة، فبادرت بطلبها ولم تصلني بعد.

لقد نظرت في موضوع البحث فهديت إلى أنَّ البحث ينبغي أن يكون في مقدّمة وبابين:

أما المقدمة فتعدُّ مدخلاً لا بدَّ منه للبحث، وقد عقدت لها ثلاثة مباحث، حدَّدت في الأول منها موضوع الرسالة من خلال تعريفي لمكونات عنوان الرسالة، فقد عرفت القصد والنية بإلقاء الضوء على معناهما اللغوي والاصطلاحي، وعرفت التكليف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015