والنصوص في ذم البدع في الكتاب والسنة كثيرة، وقد بالغ علماء السلف في ردّ البدع وذمّ أصحابها، ومما حفظه العلماء وتناقلوه بالتقدير والإجلال قول الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز (?): سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في شيء خالفها، من عمل بها فهو مهتد، ومن انتصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاّه الله ما تولّى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا" (?).

لقد أدرك العلماء منذ البداية أن الإخلاص ركن العمل المقبول عند الله، ولكنَّهم لم يغفلوا الركن الثاني، وهو أن يكون العمل مشروعا للتعبد به، وقد فسر العلماء قوله تعالى: {الذِي خَلَقَ الْمَوْت وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكمْ أَيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلاً} (?) بهذا، ومن هؤلاء الفضيل بن عياض (?) قال: "هو أخلص العلم وأصوبه، فسئل عن معنى ذلك، فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا وكان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، فالخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة" (?).

فما عدَّه بعض العباد عبادة وقربة مما لم يفعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- كتحريم الطيبات من اللحم والفاكهة، ومن ترك الكلام والصمت الدائم فلا يكلمون أحدا، وتعبّدهم الله بحلق شعر الرأس، واستحداث صلوات وأوراد