ومِمَّا احتجّوا به أمره -صلى الله عليه وسلم- للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، وهذا الاستدلال أوهى من استدلالهم بالآيات السابقة فهذا المأمور به هنا لم يقصد به التفكر والاعتبار، وإنَّما يقصد التعرف على من يريد الزواج منها، كي يعلم مدى رضاه عنها ورغبته فيها، وهذا شيء آخر غير الذي زعموه، لأن هذا ليس من المحرمات.
والشبهة الثانية: نقول كاذبة نسبوها إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإلى أئمة الهدى وهم منها براء.
كالحديث الموضوع الذي احتجّوا به في هذا "النظر إلى الوجه المليح عبادة" (?) والحديث الآخر "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه" (?).
ونقلوا عن أئمة الهدى أمثال الشافعي ومالك وسفيان بن عيينة وغيرهم نقولا زعموا فيها أنهم أقروا مثل هذا، وهي نقول مكذوبة ملفقة لا تصح عنهم (?).
وقد بلغ الأمر ببعض هؤلاء أن يغلفوا الأفعال المحرمة بغلاف الصلاح والعبادة، فيزعمون أنَّ حبهم للأمرد والمرأة الأجنبية لله تعالى، لا للفاحشة، ويزعمون أن التعاون على الفاحشة تعاون على الخير والبر فيسعى هؤلاء المفتونون في أن يجلب أحدهم المعشوق لعاشقه، ويعدّ ذلك في حسناته، لأنَّه فرّج كرب العشق عن المعشوق و"من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" (?) (?)!!