الذين يقصدون التقرب بالحرام ثلاث فرق:
عدَّت بعض الذنوب والمعاصي قربات، كالذين يستحبّون النظر في وجوه الحسان والمردان، ويزعمون أنَّ مثل هذا النظر مأمور به شرعا، وأنّه قربة يتقربون بها إلى الله تعالى (?).
وقد جاؤوا بنوعين من الشبه: الأولى: نقول صحيحة لا حجة لهم فيها كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} (?)، قالوا: هذا يعمّ جميع ما خلق الله، فما الذي أخرج من عمومه الوجه المليح؟ وهو من أحسن ما خلق الله، وموضع الاستدلال به والاعتبار أقوى.
وهؤلاء حمَّلوا هذه الآية معنى غير مراد لله تعالى، فالنظر الذي أمرنا به هو النظر المؤدّي إلى معرفته، والإيمان به، ومحبته، والاستدلال على صدق رسله فيما أخبروا عنه من أسمائه وصفاته وأفعاله وعقابه وثوابه، أما النظر إلى الحسان من النساء والولدان الذي يعلق الناظر بصورة المنظور فهذا منهي عنه، والآية التي احتجّوا بها مخصوصة بمثل قوله تعالى: {قُلْ لِلْمؤْمنينَ يغضوا مِنْ أبْصَارِهِم} (?)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "فزنى العينين النظر" (?).