ولقد أخطأ بعض المسلمين (?) عندما ساروا على درب أولئك الذين فشلوا في تجربتهم، وأضاعوا أعمارهم في غير ما فائدة، أخطأوا عندما لم يعتبروا من التاريخ، ولم يستفيدوا من دروسه، وأخطأوا ثانيا عندما ظنوا أنَّ الإسلام أمرهم بهذا وحثهم عليه.
الإسلام لم يأتنا لننبذ الحياة وراء ظهورنا، ولنطمس الميول التي تدعونا إلى نيل محبوباتها التي خلقها الله، إنما جاء ليوضح لنا المنهج الذي نسلكه في نيلنا لهذه التي لا تقوم حياتنا إلا بها، ودعانا لاتباع السبيل الذي يحبُّه ويريده لنا، إنه لا يريدنا في مسيرتنا إليه أن نتجرد من نوازعنا ونحرم ما خلقه لنا: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (?)، وكيف تحرم وقد خلقت من أَجلنا؟ {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (?). فتناول هذه المحبوبات والمشتهيات من حيث يريد الله هو في ذاته محبوب مرض لله، وهو معين على طاعة الله، فالإطعام من الحلال للنفس ولمن يعوله الإِنسان صدقة،