الأعمال، والذي يصلي لينال شرفا ومكانة عند الناس عمله شرّ الأعمال، والذي يهاجر استجابة لأمر الله ونصرة لدين الله عمله في المرتبة العليا، والذي يهاجر طلبا لنفع دنيوي: مال يحوزه، أو امرأة يتزوجها، عمله باطل مضمحل، وفي ذلك يقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (?).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنَّمَا الأعْمَال بِالنّيّاتِ، وإنَّمَا لِكلِّ امْرىِء مَا نَوى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللِه وَرَسُولهِ، وَمَنْ كَانتْ هِجْرتهُ لِدُنيا يُصِيبُهَا، أَو امْرَأَةٍ يَنكِحُهَا، فهجْرَتهُ إِلى مَا هاجَرَ إِلَيْهِ" (?).
ومعرفة الغاية الحقيقيَة التي تستثير النفسَ الإنسانيّة هو مفتاح النفوس، فالنفس الإنساية كانت ولا تزال سرّا عجيبا ولغزا معقّدا، أتعب العقول وحيّر الفلاسفة والمفكرين منذ أقدم العصور. ولقد قام العلماء بجهود مضنية كي يصلوا إلى كنه النفس الإنسانية، ويسبروا أغوارها، ولقد ارتدّت بحوث العلماء في كثير من الأحيان إلى ترّهات وتفاهات، لأنهم راموا التوصل إلى شيء لم يعط الإنسان القدرة على الإحاطة به (?)، فروح الإنسان وسر الحياة من مكنونات علم الله: {قلِ الروح منْ أَمْرِ رَبّي}. لقد قرر كثير من الباحثين في العصر الحديث أن النفس الإنسانيّة لا وجود لها، والإِنسان ليس إلا آلة تستجيب لما حولها من مثيرات ومنبهات، ولا تحركها أيّ دوافع داخلية، ويرى كثير من الباحثين أن ما كان يسمّى بالغريزة والدوافع الفطرية يمكن إرجاعه بالتحليل إلى سلسلة من الأفعال المنعكسة (?).