الثاني: أنَّ القصد لا يكون إلاّ بفعل مقدور يقصده الفاعل، وأمّا النيّة فينوي الإِنسان ما يقدر عليه وما يعجز عنه، ولهذا في حديث أبي كبشة الأنماري (?)، الذي رواه أحمد (?) في مسنده، والترمذي (?) في سننه، وغيرهما، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال "إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي في ماله ربَّه، ويصل رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل عند الله.
وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا، فهو يقول: لو أنَّ لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، وأجرهما سواء.
وعبد رزقه الله مالاً، ولم يرزقه علمًا، يخبط في ماله بغير علم، ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه فذلك بشر منزلة عند الله.
وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو أنَّ لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيَّته، وهما في الوزن سواء" (?).
يقول ابن القيم معقبا على الحديث: "فالنيّة تتعلق بالمقدور عليه، والمعجوز عنه، بخلاف القصد والإِرادة، فإنهَّما لا يتعلقان بالمعجوز عنه لا من فعله ولا من فعل غيره" (?).
فالنيَّة بناء على هذا أعمّ من القصد.