البصري (?)، واختاره إمام المفسرين ابن جرير الطبري.
قال ابن عطية: "وهذا هو الصواب، ذلك أنَّ قوله تعالى: {وإنْ تبدُوا مَا في أَنْفُسكمْ أَوْ تخْفُوه} معناه: مما هو في وسعكم وتحت كسبكم، وذلك استصحاب المعتقد والفكر. فلما كان اللفظ مما يمكن أن تدخل فيه الخواطر أشفق الصحابة، فبين الله لهم ما أراد بالآية الأخرى، وخصّصها ونص على حكمه: أنّه لا يكلف نفسا إلاّ وسعها، والخواطر ليست هي ولا دفعها في الوسع، بل هي أمر غالب، وليست مما يكتسب" (?).
4 - رتَّب القرآن الثواب والعقاب على مجرد الإرادة، كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ} (?).
وقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} (?).
5 - قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} (?).
فالله نفى المساواة بين المجاهد والقاعد الذي ليس بعاجز، ولم ينف المساواة بين المجاهد والقاعد العاجز، بل يقال دليل الخطاب (?) يقتضي مساواته إياه، ولفظ الآية صريح فقد استثنى (أولي الضرر) من نفي المساواة، فالاستثناء هنا هو من النفي، وذلك يقتضي أن أولي الضرر يساوون المجاهدين.