لم يخالف أحد من العلماء في أن التلفظ بالنيّة لا يجزىء العابد إن لم تحصل النيّة في القلب إلاّ القفال (?) من الشافعية، فقد قال بإجزائها في الزكاة، ونقل الصيدلاني والغزالي وإمام الحرمين عن الشافعي أنه يقول بذلك (?).
والتلفظ بالنيّة له مع نيّة القلب ثلاث صور:
الأولى: أن يتلفظ بلسانه مع كونه قاصدا لذلك في قلبه، وهذه الحالة لا خلاف عند العلماء في إجزائها، وإن حصل خلاف حول استحباب التلفظ، أو عدم استحبابه، أو كراهيته، كما سيأتي بيانه.
الثانية: أنَّ يتلفظ بلسانه مع كونه لا يريد ذلك في قلبه، وإنما يخرج الزكاة خوفا من الحاكم أو غيره أو طلبا لأمر دنيوي كنيل رضوان الناس وحسن الثناء منهم، وهذا لا خلاف في عدم إجزائه، لأنَّ اللفظ إذا خالف ما في القلب فالعبرة بما في القلب.
الثالثة: أن يتلفظ بلسانه ولا تحصل النية في قلبه، وهذه هي المسألة التي نازع القفال في إجزائها، ولا يتصور حصولها إلا في حالة الغافل والساهي، وتصور وقوع ذلك في الزكاة بيد، إذ يصعب أن يخرج المرء مالاً يضعه في مصارف الزكاة التي حدّدها الشارع، ويتلفط لذلك بلسانه -كل هذا- وهو غافل لا يدري ما