أما القصود التي تتجه إلى تحقيق أهداف معيّنة من وراء الفعل فهذه خصصنا لها الباب الثاني.
وقد عني بهذه المباحث علماء التوحيد والسلوك والأخلاق، ولم يهملها الفقهاء.
وقد عنونا لهذا الباب "بالِإخلاص" لأنَّه الاصطلاح الذي استعمله القرآن، والسنة النبويّة، ولأنَّ مدلوله واضح عند من له صلة بعلوم الشريعة.
وبعض الباحثين يطلق على مباحث الباب الثاني: الدوافع والبواعث، أو الأهداف والغايات، أو النيّة غير المباشرة، أو النية الثانية.
والباحثون في هذا المجال أدركوا أنَّ مباحث المقاصد تقسم إلى هذين القسمين، فالحارث المحاسبي (?) يصرح بهذا وهو يعرف النية، فيقول:
"النية هي إرادة العبد أن يعمل بمعنى من المعاني، إذا أراد أن يعمل ذلك العمل لذلك المعنى، فتلك الإرادة نيّة، إمّا لله عز وجل، وإما لغيره، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وإنَّما لامرىء ما نوى"، لأنَّها نيّة لمعنيين: نية أن يعمل العمل، ونيّة أن يعمله لمعنى من المعاني دنيا أو آخرة" (?).
فكلام الحارث هنا صريح في صحة التقسيم الذي ذهبنا إليه ومن أجله جعلنا الموضوع منقسما إلى بابين، إلا أنَّه سمّى القسم الثاني "بالنية لمعنى من المعاني"، وهو الذي أسماه بعضهم بالهدف، وأسميناه بالإخلاص.
وممن تعرض لهذا التقسيم ابن تيمية في الفتاوى، يقول في هذا الأمر: