النَّوْع الْحَادِي عشر الاغترار بالعزم على التَّقْوَى وبالعزم على الْأَفْعَال الرضية وَالْأَحْوَال السّنيَّة كالبصر والتوكل وَالرِّضَا وَالْإِخْلَاص وَغير ذَلِك من الْأَحْوَال الْعلية وبالعزم على ترك الْأَخْلَاق الدنية كالغضب والحسد والرياء

ويظن كل من هَؤُلَاءِ أَنه من أهل مَا عزم عَلَيْهِ بِمُجَرَّد عزمه فَإِذا سنحت لَهُ الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة للمعزوم جَاشَتْ عَلَيْهِ نَفسه فَخرج عَمَّا عزم عَلَيْهِ إِلَّا الْقَلِيل مِنْهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ فَيَزْدَاد غروره لاعْتِقَاده أَنه من أهل مَا عزم عَلَيْهِ

مِثَال ذَلِك أَن يعزم على الصَّبْر على مَا يُصِيبهُ فَإِذا حضر مَا يصبر عَلَيْهِ كَذبته نَفسه وَجَزِعت

وَكَذَلِكَ يعزم على الْإِخْلَاص فَإِذا وجد من يرائيه جَاشَتْ نَفسه إِلَى الرِّيَاء وَحَمَلته عَلَيْهِ

وَكَذَلِكَ يعزم على الرِّضَا بِالْقضَاءِ فَإِذا نزل الْقَضَاء كَانَ من أَسخط النَّاس بِهِ وتنتفي الْغرَّة بذلك بِأَن يتامل التَّفْرِقَة بَين الْعَزْم وَبَين المعزوم عَلَيْهِ فَيعلم أَن الْعَزْم على الْإِخْلَاص لَيْسَ بإخلاص وعَلى التَّوَكُّل لَيْسَ بتوكل وعَلى الْحلم لَيْسَ بحلم وعَلى الصَّبْر لَيْسَ بصبر وعَلى الرِّضَا لَيْسَ بِرِضا وَأَنه مغرور بِعَمَل لم يصدر مِنْهُ بِخِلَاف من تقدم ذكره من المغرورين فَإِنَّهُم صدرت مِنْهُم أَعمال وأحوال اغتروا بهَا واعتمدوا عَلَيْهَا

النَّوْع الثَّانِي عشر الاغترار بستر الله تَعَالَى على الذُّنُوب والعيوب وبإمهاله عَن الْمُؤَاخَذَة مَعَ تَضْييع كثير من حُقُوق الله تَعَالَى ظنا مِنْهُ أَن الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015