وَكَذَلِكَ من راءى الباكين من خشيَة الله تَعَالَى فَاسْتَحْضر أَسبَاب الْبكاء فَبكى فَإِن بَكَى رِيَاء فَهُوَ مراء وَإِن بَكَى خَالِصا من خشيَة الله تَعَالَى فَهُوَ مخلص وَإِن أشكل أمره عَلَيْهِ قدر نَفسه غَائِبا عَنْهُم فَإِن بَكَى مَعَ الْغَيْبَة فَهُوَ مخلص وَإِلَّا فَلَا
من سمع وعظا أَو قُرْآنًا أَو رأى أسبابا يهيج مثلهَا الْخَوْف والحزن وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا فتنهد لذَلِك أَو تنفس أَو صَاح أَو أظهر الْحزن والتندم والزفير والشهيق أَو مَا فِي معنى ذَلِك فَلهُ حالان
أَحدهمَا أَن لَا يكون فِي قلبه شَيْء من الْحزن وَالْخَوْف والندم وَلكنه يظْهر ذَلِك تصنعا للنَّاس إِمَّا ليحمدوه على ذَلِك أَو لِئَلَّا يذموه وينسبوه إِلَى الْقَسْوَة وَترك الْخَوْف أَو يتصنع بذلك ليشككهم فِيمَا بَلغهُمْ عَنهُ من الذُّنُوب أَو يوهمهم أَنه قد تَابَ من ذنُوبه وأقلع عَن عيوبه
الثَّانِي أَن يكون إِذا سمع الْقُرْآن أَو الْوَعْظ أَو تفكر فِيمَا يُوجب الْحزن أَو الْخَوْف فخاف خوفًا يَسِيرا اَوْ حزن حزنا خَفِيفا فأظهر مَا ذَكرْنَاهُ ليوهم النَّاس أَن حزنه وخوفه شَدِيد فَهَذَا وَالَّذِي تقدمه مسمعان بِلِسَان