يوجد في الصغرى أحياناً قال ابن السني: قال أبو عبد الرحمن، وهذا ليس بحجة، فإن كتب المتقدمين تذكر فيها أسماء الرواة عن أصحابها، المسند كله من أوله إلى آخره عدا الزوائد حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، الأم قال الربيع: قال الشافعي، الموطأ: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك .. الخ.
المقصود أن هذه ليست بحجة قاطعة في أن الكتاب من اختصار ابن السني، ولو ذكر اسمه فإن طريقة المتقدمين في التأليف تختلف عن طريقة المتأخرين، يذكر الراوي في أصل الكتاب، كما ذكرنا عن الموطأ والمسند والأم وغيرهم، ومن جهل طرائق ومناهجهم في التصنيف أقدم على ما لم تحمد عقباه، حتى صنف بعضهم (إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي الأم ليست للإمام الشافعي) وما يدري أن نسبة الأم للإمام الشافعي استفاضت واشتهرت استفاضةً أكثر من استفاضة نسبته إلى أبيه.
على كلٍ لجهل هذا القائل بطرائق المتقدمين في تصنيفهم قال هذا الكلام، وألف في ذلك رسالة، وعلى كل حال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- تصرف في المسند تصرفاً غير مرضي، فحذف أوائل الإسناد، حذف عبد الله وحذف الإمام أحمد فمباشرة حدثنا فلان يعني شيخ الإمام أحمد، وهذا تصرف، لا شك أنه تصرف غير مرضي وإن كان من الشيخ أحمد شاكر على جلالته وإمامته -رحمه الله-، التصرف في كتب الآخرين غير مرضي عند أهل العلم حتى قالوا: أنه إذا وجد الخطأ في الكتاب، الخطأ الذي لا يحتمل الصواب لا يجوز تغييره، ولا تصويبه، بل يروى على الخطأ؛ لكن ينبه على الصواب في الحاشية أو أثناء قراءة الكتاب، يقول: "وفي كشف الظنون .. ذكر القصة السابقة، القصة السابقة قصة أمير الرملة معروف أنها تكلم فيها كثير من أهل العلم وعلى رأسهم الذهبي -رحمه الله تعالى- في ترجمة النسائي من السير، في كشف الظنون ذكر القصة السابقة فلخص النسائي السنن الصغرى منها، وترك كل حديث أورده في الكبرى مما تكلم في إسناده بالتعليل وسماه المجتبى، وهو أحد الكتب الستة".