نبدأ بسنن النسائي وتحديد المراد به، سنن الإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي الحافظ المتوفى سنة ثلاث وثلاثمائة أحد السنن المشهورة، وأحد الكتب الستة بلا نزاع بين أهل العلم؛ لكن الخلاف في المراد بالسنن عند الإطلاق، إذا أطلق السنن فهل المراد به الكبرى أو الصغرى؟ إذا قيل: رواه النسائي وأطلق هل ينصرف الذهن إلى الكبرى أو الصغرى؟ منهم من قال: أن المراد الكبرى، إذا قيل: رواه النسائي فالحديث في الكبرى، وإذا قيل: هذا الكتاب في رجال النسائي فالمراد به الكبرى أيضاً، وبهذا قال ابن الملقن، وقال صاحب عون المعبود في آخر الجزء الرابع عشر قال: "ثم أعلم أن قول المنذري في مختصره وقول المزي في الأطراف الحديث أخرجه النسائي فالمراد به السنن الكبرى، وليس المراد به الصغرى التي هي مروج الآن في الأقطار"، يقول: "وهذه الصغرى المروجة مختصرة من السنن الكبرى، وهي لا توجد إلا قليلاً"، يعني الكبرى، لا شك أن الذي راج ودرج واشتهر بين الناس هي الكبرى مسماة بالمجتبى، يقول: "فالحديث الذي قال فيه المنذري والمزي أخرجه النسائي، وما وجدته في السنن الصغرى، فاعلم أنه في الكبرى، ولا تتحير لعدم وجدانه فإن كل حديثٍ هو موجود في الصغرى يوجد في السنن الكبرى لا محالة من غير عكس" على أنه قد يوجد -وهذا نادر- في السنن الصغرى ما لا يوجد في الكبرى، ويقول المزي في كثيرٍ من المواضع: "وأخرجه النسائي في التفسير وليس في الصغرى تفسير"، والله أعلم، وفي تدريب الراوي للسيوطي تنبيهات: "الثالث سنن النسائي الذي هو أحد الكتب الستة أو الخمسة هي الصغرى دون الكبرى" صرح بذلك التاج السبكي قال: "وهي التي يخرجون عليها الأطراف والرجال" وإن كان شيخه المزي ضمّ إليها الكبرى، وصرح ابن الملقن بأنها الكبرى وفيه نظر، يقول: "ورأيت بخط الحافظ أبي الفضل العراقي أن النسائي لما صنّف الكبرى أهداها لأمير الرملة فقال له: أكل ما فيها صحيح؟ فقال: لا، فقال: ميّز لي الصحيح من غيره فصنّف له الصغرى" هذه القصة مشتهرة عند أهل العلم مما يدل على أن النسائي هو الذي تولى اختصار السنن بنفسه، ومنهم من يقول: أن الذي اختصر السنن هو تلميذه ابن السني، ويدعمون ذلك بأنه