آخرهم. فعدنا في المجلس الثاني فما عاد منهم أحد" (?).
ولم يكن يقتصر على المجالس العلمية المنظمة والاجتماعات المعدة، بل كان نشيطًا يغشى مجالس المعتزلة الخاصة، ويقصدهم بنفسه ويناظرهم، فكان يكلم في ذلك ويقال له: كيف تخالط أهل البدع وتقصدهم بنفسك وقد أمرت بهجرهم؟ فقال: هم أولو رياسة منهم الوالي والقاضي، ولرياستهم لا ينزلون إلي، فإذا كانوا هم لا ينزلون إلي ولا أسير أنا إليهم فكيف يظهر الحق (?).
وبفضل تلك المناظرات كان الناس يتحولون من مذاهبهم الباطلة إلى المذهب الحق. ويحكى عن أحد تلاميذ الأشعري المشاهير وهو أبو الحسن الباهلي، أنه كان من الشيعة الإمامية ورئيسًا مقدمًا فيهم، فانتقل عن مذهبهم بمناظرة جرت له مع الشيخ الأشعري ألزمه فيها الحجة حتى بان له الخطأ (?).
والأسلوب الثاني الذي اتبعه الأشعري في تصحيح الانحرافات هو أسلوب الكتابة والتأليف، وبالرجوع إلى قائمة مصنفاته (?) نجد أن أكثر مؤلفاته في الرد على المعتزلة، وبعضها في الرد على مذاهب وفرق أخرى. ومنها كتاب كبير في الرد على أصحاب الملل والديانات غير الإسلامية. وله كتاب في التفسير "لم يترك فيه آية يتعلق بها بدعي إلا أبطل تعلقه بها وجعلها حجة لأهل الحق" (?). ويذكر الأشعري في مقدمة هذا التفسير الدافع له على تأليفه فيقول:
"ورأيت الجبائي -من شيوخ المعتزلة- ألف في تفسير القرآن كتابًا أولّه على خلاف ما أنزل الله -عز وجل-، وما روى في كتابه حرفًا واحدًا عن أحد من المفسرين، وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه، ولولا أنه استغوى بكتابه كثيرًا من العوام واستنزل به على الحق كثيرًا من الطغام لم يكن لتشاغلي به وجه" (?).
أما عن منهجه في تناول العقائد فقد أوضحه في مقدمة كتابه "الإبانة في