كانت تلك هي سياسته التي لم يترك مناسبة إلا وأعلن عنها، ومن بعض تعليماته في هذا الشأن ما كتبه لأحد ولاته:

"لا تولّين شيئًا من أمور المسلمين إلا المعروف بالنصيحة لهم والتوفير عليهم، وأدى الأمانة فيما استرعي" (?).

وكتب أيضًا:

"ألا يستعمل على الأعمال إلا أهل القرآن، فإن لم يكن عندهم خير فغيرهم أولى أن لا يكون عنده خير" (?).

وقد صرَّح كثير من الأئمة بأن كل من استعمله عمر بن عبد العزيز فهو (ثقة) (?)؛ وهي مرتبة من مراتب العدالة عند أصحاب الحديث، وتلك شهادة عظيمة بالمدى الذي بلغه عمر بن عبد العزيز في تنفيذ مبدأ الأمانة في إسناد الوظائف لمستحقيها.

أما الأمانة في الأموال والتزام الشرعية في جمعها من مصادرها وإنفاقها في مصارفها فقد ضرب فيها عمر بن عبد العزيز أمثلة رائعة. ففي خاصة نفسه التزم الزهد وعاش عيشة البسطاء لا عيشة الملوك، وظهر عليه هذا الخلق منذ أول حركة بدت منه بعد توليه الخلافة، فقد امتنع عن ركوب المراكب الملكية (وهي الخيول الحسان الجياد المعدة لذلك) واكتفى بما كان يركب من قبل (?)، ثم أمر بعد ذلك ببيع هذه المراكب وجعل أثمانها في بيت المال (?). ورفض السكنى في قصر الخلافة وسكن منزله العادي (?). ورد جميع الأموال التي كانت تحت ملكه بغير حق إلى بيت المال (?)، حتى أنه رد فص خاتم كان في يده قال: أعطانيه الوليد من غير حقه (?). وكان لا يقبل الهدية، ويقول: كانت الهدية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015