تفاصيله السعي لإصلاح دين الرعايا، ونشر العلم، وإقامة الجهاد لتمكين الإسلام وإعلائه في الأرض.

وقد اكتمل تنفيذ هذه المبادئ في الصدر الأول من تاريخ الإسلام، وظلت الخلافة الراشدة في الأرض ثلاثين سنة كما جاء في الحديث "الخلافة بعدي ثلاثين سنة ثم تكون ملكًا" وهذه المدة انتهت في ربيع الأول عام (41 هـ) حين تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية (?) -رضي الله عنهما-. فأيام معاوية هي أول أيام الملك وهو أول ملوك الإسلام وخيارهم (?).

ثم بدأت هذه المبادئ تنهار الواحدة تلو الأخرى، وتضعف شيئًا فشيئًا إلى أن أزيل من الأرض في هذا العصر اسم الخلافة بالكلية، وأصبحت الزعامة والقيادة في أيدي العتاة والجبارين. وقد اتجهت جهود المصلحين والمجددين من الأمة الإسلامية في كل العصور لهذه الناحية التي هي من أهم واجبات الدين سعيًا وراء إعادة الخلافة الراشدة.

جهود عمر بن عبد العزيز:

وقد بذل أول المجددين في الإسلام عمر بن عبد العزيز جهودًا كبيرة لتحقيق هذه الغاية، مع قرب عهده من عهد النبوة ومع قلة الانحرافات. وهذه بعض الأمثلة في سبيل إعادة العمل بالمبادئ الأربعة السابقة.

فمن أجل إقامة مبدأ الشورى في اختيار الخليفة كانت أول خطوة له هي محاولة إصلاح الطريقة التي تقلد بها هو نفسه منصب الخلافة. فمن المعلوم أن اختياره خليفة لم يكن عن شورى من المسلمين، إنما جاءته الخلافة بوصفه أحد أفراد العائلة الحاكمة، ولما كان الخليفة قبله ليس له ولد من نسله أهل لأن يورثه الملك، فقد عهد باستشارة من أحد وزرائه الصالحين بالحكم إلى عمر بن عبد العزيز، ولم يكن لعمر علم بالأمر. وحين تليت الوصية بتنصيبه خليفة في اجتماع عام في المسجد، أخذه الناس مكرهًا وأجلسوه على المنبر ومدوا أيديهم له مبايعين (?)، إلا أن عمر لم يكن راضيًا عن ذلك كله، فقام من فوره وأعلن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015