وأيًا كان الأمر فإن ذلك في نظري قد يكون أشبه بقضية عدد أصحاب الكهف، لا ترقى إلى أكثر من المراء الظاهر، فسواء كانوا ثلاثة أو خمسة أو سبعة فإن العلم بعددهم ليست له ثمرة، كما أن الجهل به لا يضر. وكذلك قضية المجددين، فسواء أشركنا أكثر من واحد في نيل هذا اللقب أو حصرناه في واحد فقط؛ فإن ذلك ليس أمرًا ذا بال. فإنه لا أحد من المجددين يكون باعثه من وراء تجديده أن يسمى عند الناس بهذا اللقب، كما أنه لا يضيره أن يعترف الناس له بهذا اللقب أو ألا يعترفوا، فمنصب المجدد ليس منصبًا ينال به المرء الامتيازات في الدنيا. ومن ناحية أخرى لا تشمل بنود العقيدة الإسلامية بندًا خاصًا بضرورة الاعتراف لواحد بعينه بمنصب التجديد، فسواء وقع ذلك الاعتراف أو لم يقع فالأمر واحد، ولا يمكن الطعن في عقيدة أحد بسبب ذلك.

إلا أنه من الأهمية بمكان أن يتحلى المرء بالنظر المنصف، وأن يتحرى بصدق وتبعًا لمقاييس صحيحة؛ من يستحق أن يعد مجددًا ومن لا يستحق. لأن إلصاق هذا اللقب بمن هو بعيد عنه كل البعد هو نوع من التزوير والتزييف، ومن آثاره الضارة انخداع الناس به وترويج لآرائه الخاطئة، كما أن تعداد وتزكية من يستحق أن يوصف بأنه مجدد، سواء اتفقنا على ذلك أو اختلفنا، وسواء أصبنا عين الحقيقة أو قاربنا الصواب، فإن في هذا التعداد والحصر فوائد ملموسة، ويكفي أن تكون سيرة هؤلاء الأعلام نموذجًا ومثالًا يحفز الناس لاقتفاء آثارهم واتباعهم واتخاذهم أسوة وقدوة، وهم من أحق الناس أن تكون فيهم القدوة والأسوة الحسنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015