المشهورين على رأس كل مائة سنة" (?).
ويسوق ابن حجر حججًا أخرى فيقول في "فتح الباري": "نبَّه بعض الأئمة على أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل قرن واحد فقط، بل الأمر فيه كما ذكره النووي في حديث: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق"، في أنه يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب، وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد، ولا يلزم اجتماعهم ببلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وتفرقهم في الأقطار، ويجوز تفرقهم في بلد واحد وأن يكونوا في بعض دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولًا فأولًا، إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد، فإذا انقرضوا أتى أمر الله".
قال الحافظ ابن حجر: "وهذا متجه فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا تنحصر في نوع من الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد إلا أن يدعي ذلك في ابن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها، ومن ثم ذكر أحمد أنهم كانوا يحملون عليه الحديث، وأما من بعده فالشافعي وإن اتصف بالصفات الجميلة والفضائل الجمة، لكنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل. فعلى هذا كل من اتصف بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد، تعدد أم لا" (?).
ويرى ابن كثير أن المجددين هم حملة العلم في كل عصر، يقول في ذلك: "الصحيح أن الحديث -يعني: حديث التجديد- يشمل كل فرد من آحاد العلماء من هذه الأعصار ممن يقوم بفرض الكفاية في أداء العلم عمن أدرك من السلف إلى من يدركه من الخلف" (?).
وقد أثر هذان الاتجاهان للسلف في نظرتهم إلى تعدد المجددين في تسمية وإحصاء المجددين في كل قرن. ويمكن اعتبار قائمة ابن الأثير التي أورد فيها