التجديد هو إفشاء العلم:
ولأهمية مكانة العلم في الدين اقتصرت بعض أقوال السلف على تعريف التجديد بأنه إحياء العلم فقط. يقول ابن كثير:
"وقال طائفة من العلماء: الصحيح أن الحديث -يعني: حديث التجديد- يشمل كل فرد من آحاد العلماء من هذه الأعصار ممن يقوم بفرض الكفاية في أداء العلم، عمن أدرك من السلف إلى من يدركه من الخلف، كما جاء في الحديث من طرق مرسلة وغير مرسلة، يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين" (?).
فهذا القول يقتصر على أن التجديد هو ما يقوم به العلماء وهو نقل علوم السلف من جيل إلى جيل نقية من التحريف وسليمة من الانتحال.
وهذه الأهمية لنقل العلوم الدينية واعتبار أن التجديد هو إظهارها وإفشاؤها تظهر في تعريف آخر للتجديد يذكر أن ما يتجدد من أمر الدين هو "ما اندرس من أحكام الشريعة وما ذهب من معالم السنن وخفي من العلوم الدينية الظاهرة والباطنة" (?).
بل إن روايات أحمد بن حنبل لحديث التجديد قد جاءت بلفظ (تعليم الدين) في مكان لفظ تجديد الدين. وهذه الروايات المتقاربة تقدم لنا شرحًا لمعنى التجديد. وهذه هي الروايات (?):
1 - قال أحمد بن حنبل: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يقيض في رأس كل مائة سنة من يعلم الناس دينهم" (رواه أَبو بكر البزار).
2 - ومن طرق أخرى قال أحمد بن حنبل: "إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلم الناس السنن وينفي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الكذب" (رواه البيهقي).
3 - ومن طريق أخرى يقول أحمد بن حنبل: يروى في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن الله يمن على أهل دينه في رأس كل مائة سنة برجل من أهل بيتي يبين لهم أمر دينهم".