للقرآن. والقرآن يقول بكلمات عامة: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] فيجب أن يحكم بالحرمة على البيع والشراء الذي يتم في أسواقنا ليل نهار بغير الشهود لكونه يخالف القرآن.
فهذه بعض أمثلة إذا سرحت فيها النظر تبين لك الخطأ في استدلال الذين يقولون: إن حكم الرجم للزاني المحصن مخالف للقرآن (?). والحق أن منصب الرسول في نظام الشريعة الذي لا مجال فيه للريب والمكابرة، هو أن يبلغنا أحكام الله تعالى ثم يبين لنا مقتضياتها ومقاصدها والطرق للعمل بها، والمعاملات التي تنفذ فيها، والمعاملات التي لها أحكام أخرى. وإنكار هذا المنصب ليس بمخالفة لأصول الدين فحسب بل هو مستلزم -كذلك- لمصاعب ومفاسد لا تكاد تحصى (?).
لا مساغ لتقسيم الجهاد إلى الهجومي والدفاعي:
إن ما اصطلحوا عليه اليوم من تقسيم القتال الهجومي والدفاعي، لا يصح إطلاقه على الجهاد الإسلامي البتة، وإنما يصدق هذا المصطلح على الحروب القومية والوطنية فقط؛ لأن هاتين الكلمتين المصطلح عليهما لا ينطق بهما وما جرى استعمالهما إلا بالنسبة إلى قطر مخصوص أو أمة بعينها. وأما إذا قام حزب عالمي مستند إلى فكرة انقلابية شاملة، لا تفرق بين أمة دون أمة، ولا تخص قطرًا دون قطر، يدعو جميع الأمم والشعوب على اختلاف أجناسها ولغتها إلى فكرته ومنهاجه، مفتوحة أبوابه لكل من يريد المشاركة في بث تلك الدعوة ونشر تلك الفكرة، ولا يسعى إلا وراء القضاء على الحكومات الجائرة المناقضة لمبادئ الحق الخالدة، وإقامة حكومة صالحة مؤسس بنيانها على قواعد الحق والعدل التي يؤمن بها ويدعو إليها، أما إذا كان الأمر كذلك فلا مجال في دائرته البتة لما اصطلحوا عليه من نوعي القتال الهجومي والدفاعي.
وكذلك إذا نظرنا في المسألة بصرف النظر عن هذا المصطلح الشائع تبين