ما جعل الله فيها من حرج وهي سمحة سهلة، فكل أدلة الطوفي في أن المصلحة واليسر ورفع الحرج هي مقصود الشارع، فهي دليل على ضرورة التزام النص وتقديمه؛ لأنه الذي يحقق المصلحة في كل الظروف.

2 - وحديث: "لا ضرر ولا ضرار" هو أحد الأدلة أيضًا على أن كل نصوص الشرع لا ضرر فيها، وأن المصلحة متحققة منها دائمًا، إذ كيف يقرر الرسول أنه لا ضرر وتكون بعض النصوص التي جاء بها سببًا في الضرر. إن من يفرض وقوع الضرر من تطبيق النص يقع في تناقض بيِّن.

3 - والاختلاف في تقدير المصلحة أمر واقع، وهو اختلاف كبير واسع، فالمصلحة ليست أمرًا منضبطًا يتفق عليه الناس وإلا لو كان الأمر كذلك لاتفق الناس في شرائعهم ونظمهم وطرق حياتهم، وكل هذا ينقض ما قاله الطوفي من أن المصلحة أمر حقيقي متفق عليه.

4 - والطوفي في عبارته عن تقديم المصلحة على الإجماع متناقض جدًا، فهو يقول إن المصلحة متفق عليها والإجماع مختلف حوله، فتقدم المصلحة لأنها متفق عليها "فأصبح معنى كلامه: الإجماع أضعف من رعاية المصلحة لأن رعاية المصلحة مجمع عليها والإجماع غير مجمع عليه" (?).

5 - ومن الملاحظ أن الطوفي لم يأت بمثال واحد يرينا فيه كيف أن المصلحة عارضت النص وكيف تقدم عليها، حتى نستيقن مما يقول، وما ذلك إلا لأنه لن توجد مطلقًا بعد طول الاستقراء والبحث حالة واحدة تعارض فيها المصلحة النص لأن ذلك التعارض أمر متوهم (?).

ولضعف أدلة الطوفي وشناعة رأيه حمل عليه كثير من المعاصرين حملة قوية. فيقول الشيخ أبو زهرة عن رأيه أنه: "رأي شاذ بين علماء الجماعة الإسلامية" ويقول: ". . . إن مهاجمته للنصوص ونشر فكرة نسخها أو تخصيصها بالمصالح هي أسلوب شيعي، أريد به تهوين القدسية التي تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع. والشيعة الإمامية يرون أن باب النسخ والتخصيص لم يغلق لأن الشارع الحكيم جاء بشرعه لمصالح الناس في الدنيا والآخرة، وأدرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015