شبيهة بحرارة جهنم وهذا لا اعتراض عليه. والثاني: أن هناك صلة حقيقة بين حرارة الحمى وبين جهنم والاعتراض في وجه التفسير الثاني هو كيف تكون هذه الصلة بين الحمى وبين جهنم؟ فهل يستطيع بشر بأي تجربة علمية أن يثبت أن مثل هذه الصلة لا يمكن أن توجد؟ إن جهنم من أمور الغيب والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو وحده الخبير بأمور الغيب.
7 - الإخبار بأن هناك جنسًا من الثعابين يسبب العمى ويسقط الحمل. وهذا النوع من الثعابين نوع معروف حتى الآن وموجود ومشهور ويعرف باسم الكوبرا (Cobra)، ومن المعروف عنه أنه يصوب سمه إلى عين فريسته ليعميها. أما إسقاط الحمل فقد يكون بسبب الفزع من رؤيته أو بسبب سمه إذا لدغ.
وهكذا فالنظر في الأحاديث التي ساقها موريس بوكاي نخلص إلى أنه ليس فيها حديث واحد يخالف حقائق العلم الحديث، وفي حقيقة الأمر لا يستطيع أحد أن يعثر على حديث من هذا النوع، إنما الذي يوقع في الالتباس ويوهم أن هناك تناقضًا، إمّا سوء فهم الحديث أو الجهل بالعلم الحديث، ولهذا فإن الطريقة المثلى إذا وقع في نفس المرء التباس من هذا النوع، أن يتثبت من صحة الحديث ويراجع شروحه ويستوثق من فهم الحديث على وجهه الصحيح، ويسأل في المسائل العلمية جهات الاختصاص ولا يسارع إلى الإنكار ورد الأحاديث الصحيحة، ففضلًا عن أن ذلك ليس منهجًا علميًا صحيحًا، فهو ليس سبيل الذين رسخ الإيمان في قلوبهم.
ويحسُن التنويه هنا بأمرين:
أولهما: إن مثل هذه الاعتراضات لم تظهر في عصرنا هذا فحسب ولكنها ظهرت في العصور الماضية، ولم تكن تصدر إلا ممن عرف عنهم انحراف في التفكير، فهذا ابن قتيبة مثلًا من علماء القرن الثالث الهجري يؤلف كتابًا في الرد على مثل هذه الاعتراضات وسمى كتابه: "كتاب تأويل مختلف الحديث، في الرد على أعداء أهل الحديث والجمع بين الأخبار التي ادعوا عليها التناقض والاختلاف، والجواب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة أو المشكلة بادئ الرأي" (?).