معايش الدنيا من مثل الأمور المذكورة، فلم يتعرض لها الرسول ببيان.

3 - ومما يؤكد أن كل ما بيَّنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو من أمور الدين شيئان:

الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبين لنا فرقًا واضحًا في سُنَّته بين أمور الدنيا وأمور الدين، ولو كان مثل هذا التقسيم حقيقة قائمة لأوضح لنا كيف نميز بين القسمين تمييزًا لا نقع معه في لبس؛ لأن الحاجة لا شك ماسة لمثل هذا التمييز، فلما لم نجد بيانًا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع قيام الحاجة إليه تأكدنا أن التقسيم إلى سُنَّة خاصة بأمور الدين وسُنَّة خاصة بأمور الدنيا تقسيم لا وجود له. وحتى أولئك الذين وقع في وهمهم هذا التقسيم لم يستطع أحد منهم أن يقدم معيارًا صحيحًا للتمييز بين ما ظنوه سُنَّة تشريعية وغير تشريعية، ولن يستطيعوا لأن هذا التمييز لا يقوم إلا في أذهانهم فقط.

والثاني: أن الصحابة والتابعين وأئمة المجتهدين والفقهاء وقادة الرأي والفكر خلال أربعة عشر قرنًا، لم يعرف عن أحد منهم أنه رد سُنَّة من سُنن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحجة أنها خاصة بأمور الدنيا، مع كثرة اختلافهم ورد بعضهم على بعض عند تعارض الأدلة.

الحجة الرابعة: الأحاديث النبوية عن الطب:

يشرح المستشرق موريس بوكاي (?) هذه الحجة كالآتي:

هناك بعض الأحاديث غير المقبولة علميًا في مواضيع الطب والمعالجة، ومع أن هذه الأحاديث صحيحة؛ إلا أن الحديث قد يكون صحيحًا لا شك فيه، ولكنه قد يكون متعلقًا بشأن من شؤون الدنيا مما لا وحي فيه، وعندئذ لا فرق في ذلك بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين غيره من البشر لحديث: "أنتم أعلم بأمور دنياكم"، وهذه الأحاديث المتعلقة بموضوعات طبية، تعطينا صورة عن مفاهيم ذلك العصر وآرائهم في مثل هذه المواضيع الطبية.

وللتدليل على رأيه سرد عددًا من الأحاديث المتعلقة بالطب والتي يرى أنها لا تتفق مع حقائق العلم الحديث، وفيما يلي نقوم بتصنيف هذه الأحاديث التي ذكرها. وننظر هل صحيح أنها لا تتفق مع حقائق العلم الحديث؟ وهل صحيح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015