حقائق التاريخ الثابتة (?)، فهل هذه قواعد جديدة؟
من مراجعة القائمة الماضية لقواعد النقد نجد أنها قد ضمت هذه القواعد بل وزادت عليها (?)، فمن البديهي أن وظيفة السُّنَّة أن تبين وتوضح ما في القرآن ولهذا لا يمكن أن تناقض القرآن، وكل ما أثبتت كتب الأحاديث صحته عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكله موافق لنص القرآن لا يخالفه البتة ولا يناقضه. أما شرط موافقة "روح القرآن" فكلمة روح كلمة عامة جدًا، وليس لها معنى محدد، وبإمكان كل أحد أن يدعي أن روح القرآن هي كذا، وليس لذلك أية ضوابط، ولا يمكن قبول نقد الأحاديث بمثل هذا التعميم.
أما ما يتفق من الحديث مع العقل وتجارب البشر وعلومهم فهل يماري في ذلك أحد؟ ولكن السؤال هو: أي عقل هو المقصود؟ وأي علوم البشر وتجاربهم هي المرادة؟ إن العقل البشري متفاوت في حكمه على الأشياء، وعلوم البشر وتجاربهم منها ما هو محض افتراضات ونظريات تقوم على الحدس والتخمين، وما يثبته العلم اليوم ينفيه غدًا، أما الحقائق العقلية الصريحة، والحقائق العلمية القطعية، فلا تناقضها الأحاديث الصحيحة التي أثبتها أئمة الحديث. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي جرب شرب العسل وادعى أن التجربة البشرية لم تثبت أن العسل شفاء- قال له: "صدق الله وكذب بطن أخيك" (?)، فكلام الله تعالى صدق كله، وكلام الرسول صدق كله، والتجربة البشرية تصدق وتكذب.
والقاعدة الثالثة التي يشترطها سيد خان في الأحاديث ألا تناقض حقائق التاريخ الثابتة، وهذه جملة تحتاج إلى فحص. فبأي شيء تثبت وقائع التاريخ وبأي شيء تصبح حقيقة قطعية لا تقبل النقض؟ هل الفروض التي تبنى على الحفريات والأحجار وهياكل الموتى هي حقائق تاريخية تعارض الأحاديث؟ هل أقاصيص المؤرخين ورواياتهم للحدث الواحد المتناقضة ومشاربهم وميولهم المختلفة التي تؤثر في تسجيلهم للأخبار. . . هل كل ذلك حقائق تاريخية ثابتة؟.
وهكذا فمع أن سيد خان يقدم قواعد تتفق مع القواعد التي قدمها علماء