عَنْهُمْ، وَأَدْخَلَهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، فَأَدْخَلَهُمُ الجَنَّاتِ، وَرَضُوا بِمَا آتَاهُم اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَبِمَا عَوَّضَهُمْ بِهِ لاِسْخَاطِهِم الأَقَارِبَ وَالأَبْنَاءَ. وَهَؤُلاَءِ هُم أَنْصَارُ اللهِ، وَجُنْدُهُ، وَحِزْبُهُ، وَأَهْلُ كَرَامَتِهِ، وَهُمْ أَهْلُ الفَلاَحِ وَالسَّعَادَةِ والنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. (?)
قال الطبري:" يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22] لَا تَجِدُ يَا مُحَمَّدُ قَوْمًا يُصَدِّقُونَ اللَّهَ، وَيُقِرُّونَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَشَاقَّهُمَا وَخَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ {وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ} [المجادلة:22] يَقُولُ: وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ حَادُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ {آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:22] وَإِنَّمَا أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهَذِهِ الْآيَةِ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المجادلة:14] لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلِذَلِكَ تَوَلَّوُا الَّذِينَ تَوَلَّوْهُمْ مِنَ الْيَهُودِ.
وهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ، أَوْ أَبْنَاءَهُمْ، أَوْ إِخْوَانَهُمْ، أَوْ عَشِيرَتَهُمْ، كَتَبَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ، وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ: قَضَى لِقُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ. فَـ «فِي» بِمَعْنَى اللَّامِ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ لَهُمْ، وَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْإِيمَانُ بِالْقُلُوبِ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِالْخَبَرِ عَنِ الْقُلُوبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْلُهَا، اجْتَزَى بِذِكْرِهَا مِنْ ذِكْرِ أَهْلِهَا.
وَقَوْلُهُ: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة:22] يَقُولُ: وَقَوَّاهُمْ بِبُرْهَانٍ مِنْهُ وَنُورٍ وَهُدًى. يَقُولُ: {وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ} [المجادلة:22] يَقُولُ: وَيُدْخِلُهُمْ بَسَاتِينَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا الْأَنْهَارُ. {خَالِدِينَ فِيهَا} [البقرة:162] يَقُولُ: مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا. {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [المائدة:119] بِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا {وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة:119] فِي الْآخِرَةِ بِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُمُ الْجَنَّةَ. {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ} [المجادلة:22] يَقُولُ: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ جُنْدُ اللَّهِ [ص:495] وَأَوْلِيَاؤُهُ. {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ} [المجادلة:22] يَقُولُ: أَلَا إِنَّ جُنْدَ اللَّهِ وَأَوْلِيَاءَهُ. {هُمُ الْمُفْلِحُونَ}