ضِدَّ المُسلِمِينَ مِن مَكَائِدَ، وَمَا حَاكُوهُ وَيَحِيكُونَهُ ضِدَّ مُقَدَّسَاتِهِم مِن مُؤَامَرَاتٍ، وَتِلكَ الحُرُوبِ الَّتي أَوقَدُوهَا وَمَا زَالُوا يُوقِدُونَهَا يَمنَةً وَيَسرَةً. أَقُولُ: إِنَّ هَذَا الإِعجَابَ بِالكُفَّارِ وَالتَّغَافُلَ عن عَدَاوَتِهِم الَّتي لا تَخفَى، إِنَّهُ لَمِن ضَعفِ الإِيمَانِ باِللهِ، وَاختِلالِ عَقِيدَةِ الوَلاءِ وَالبَرَاءِ، بَل هُوَ ممَّا يُغضِبُ اللهَ وَيُسخِطُهُ، قَالَ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ:" لا تَقُولُوا لِلمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِن يَكُ سَيِّدًا فَقَد أَسخَطتُم رَبَّكُم ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " هَذَا في مَدحِ المُنَافِقِ المُظهِرِ لِلإِيمَانِ، فَكَيفَ إِذَا كَانَ المَدحُ لِلكُفَّارِ، بَل لِرُؤُوسِ الكُفَّارِ وَقُوَّادِ أَعظَمِ الدُّوَلِ عَدَاوَةً لِلإِسلامِ وَحَربًا عَلَى المُسلِمِينَ؟!
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُم وَعَضُّوا عَلَيهِ بِالنَّوَاجِذِ، وَلا يَغُرَّنَّكُم مَن ضَلَّ عَنهُ وَفَرَّطَ فِيهِ مَهمَا كَانَت مَكَانَتُهُ وَمَنزِلَتُهُ، قَالَ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ:" قَد تَرَكتُكُم عَلَى البَيضَاءِ لَيلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنهَا بَعدِي إِلاَّ هَالِكٌ، مَن يَعِشْ مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافًا كَثِيرًا، فَعَليكُم بما عَرَفتُم مِن سُنَّتي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُم وَإِخوَانَكُم أَولِيَاءَ إِنِ استَحَبُّوا الكُفرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُم وَأَبنَآؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ في سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتيَ اللهُ بِأَمرِهِ وَاللهُ لاَ يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ "
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ البَرَاءَةَ مِنَ الكُفَّارِ وَمَن وَالاهُم وَدَاهَنَهُم، هِيَ العَقِيدَةُ الحَنِيفِيَّةُ السَّمحَةُ، وَالمِلَّةُ الإِبرَاهِيمِيَّةُ الَّتي لا عِوَجَ فِيهَا، وَالعُروَةُ الوُثقَى الَّتي لا انفِصَامَ لها، وَبِذَلِكَ أُمِرنَا وَجُعِلَ إِبرَاهِيمُ لَنَا فِيهِ أُسوَةً، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ:" قَد كَانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَومِهِم إِنَّا بُرَأَىءُ مِنكُم وَمِمَّا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ كَفَرنَا بِكُم وَبَدَا بَينَنَا وَبَينَكُمُ العَدَاوَةُ وَالبَغضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤمِنُوا بِاللهِ وَحدَهُ " وَإِنَّهُ مَهمَا حَاوَلَ أَعدَاءُ اللهِ المُرَاوَغَةَ وَسَلَكُوا طَرِيقَ المُخَادَعَةِ، مَهمَا ادَّعُوا حُسنَ النَّوَايَا تِجَاهَ المُسلِمِينَ وَزَعَمُوا مَحَبَّتَهُم لهم وَإِرَادَتَهُمُ الخَيرَ بهم، فَإِنَّ اللهَ قَد تَولَّى فَضحَهُم في أَصدَقِ كَلامٍ وَأَبيَنِهِ، قَالَ