سبحانه: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:22] الآية. فالواجب على المسلم البراءة من أهل الشرك وبغضهم في الله، ولكن لا يؤذيهم ولا يضرهم، ولا يتعدَّى عليهم بغير حقٍّ إذا لم يكونوا حربًا لنا، لكن لا يتخذهم أصحابًا ولا إخوانًا، ومتى صادف أنه أكل معهم في وليمة عامَّة أو طعام عارضٍ مِنْ غير صحبة ولا موالاة ولا مودَّةٍ فلا بأس، ويجب على المسلم أن يُعَامِلَ الكفار إذا لم يكونوا حربا للمسلمين معاملة إسلامية بأداء الأمانة، وعدم الغِشِّ والخيانة والكذب، وإذا جرى بَيْنَهُ وبينهم نزاع جادَلَهُم بالتي هي أحسن وأنصفهم في الخصومة، عملا بقوله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت:46] ويشرع للمسلم دعوتُهم إلى الخير ونصيحتُهم، والصبر على ذلك، مع حسن الجوار وطيب الكلام لقول الله عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] وقوله سبحانه: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ دَلَّ على خير فله مِثْلُ أجر فاعله» والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة".اهـ.
وأمَّا إن كان الكافر أخاه في النسب ولو النَّسَبَ البعيدَ فلا بأس بذلك، أو كان المقصد تأليفَ الكفَّار على الإسلام وما شابه.
قال القُرْطُبِيّ في تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} {الأعراف:65} قال ابن عباس: أي ابْن أبيهم، وقيل: أخاهم من القبيلة، وقيل أي بشرًا من بني أبيهم آدم. وقال أيضًا: وقيل له أخوهم لأنه منهم وكانت القبيلة تجمعهم، كما تقول يا أخا تميم. وقيل إنما قيل له أخوهم لأنه من بني آدم كما أنَّهم من بني آدم، وقال أيضا في تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} {الشعراء:106} أي ابْن أبيهم وهي أخوَّة نسب لا أخوة دِين، وقيل هي أخوَّة المجانسة. اهـ. والله أعلم. (?)
----------------