أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وفي قوله تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا دلالة ظاهرة على أن جميع الكفار كلهم أعداء للمؤمنين بالله سبحانه وبرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -،ولكن اليهود والمشركين عباد الأوثان أشدهم عداوة للمؤمنين، وفي ذلك إغراء من الله سبحانه للمؤمنين على معاداة الكفار والمشركين عموما وعلى تخصيص اليهود والمشركين بمزيد من العداوة في مقابل شدة عداوتهم لنا، وذلك يوجب مزيد الحذر من كيدهم وعداوتهم. ثم إن الله سبحانه مع أمره للمؤمنين بمعاداة الكافرين أوجب على المسلمين العدل في أعدائهم فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى فأمر سبحانه المؤمنين أن يقوموا بالعدل مع جميع خصومهم، ونهاهم أن يحملهم بغض قوم على ترك العدل فيهم وأخبر عز وجل أن العدل مع العدو والصديق هو أقرب للتقوى. والمعنى: أن العدل في جميع الناس من الأولياء والأعداء هو أقرب إلى اتقاء غضب الله وعذابه.

وقال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وهذه الآية الكريمة من أجمع الآيات في الأمر بكل خير والنهي عن كل شر، ولهذا روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث عبد الله بن رواحة الأنصاري إلى خيبر ليخرص على اليهود ثمرة النخل، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عاملهم على نخيلها وأرضها بنصف ثمرة النخل والزرع، فخرص عليهم عبد الله ثمرة النخل، فقالوا له إن هذا الخرص فيه ظلم، فقال لهم عبد الله رضي الله عنه: (والذي نفسي بيده إنكم لأبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير، وإنه لن يحملني بغضي لكم وحبي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن أظلمكم) فقال اليهود: بهذا قامت السموات والأرض. فالعدل واجب في حق القريب والبعيد والصديق والبغيض، ولكن ذلك لا يمنع من بغض أعداء الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015