عباده عموما بتدبيره، ونفوذ القدر فيهم، ويتولى عباده المؤمنين خصوصا، بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وتربيتهم بلطفه، وإعانتهم في جميع أمورهم. {وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: هو المتصرف بالإحياء والإماتة، ونفوذ المشيئة والقدرة، فهو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له. (?)
وحين ننظر اليوم من وراء الحوادث واستقرائها، ومن وراء الظروف ومقتضياتها، وبعد ما سارت هذه الدعوة في الخط الذي سارت فيه، وأنتجت فيه نتاجها .. حين ننظر اليوم هذه النظرة ندرك طرفا من حكمة الله في اختيار هذه البقعة من الأرض، في ذلك الوقت من الزمان، لتكون مقر الرسالة الأخيرة، التي جاءت للبشرية جميعا. والتي تتضح عالميتها منذ أيامها الأولى.
كانت الأرض المعمورة - عند مولد هذه الرسالة الأخيرة - تكاد تتقسمها امبراطوريات أربع: الامبراطورية الرومانية في أوربا وطرف من آسيا وإفريقية. والامبراطورية الفارسية وتمد سلطانها على قسم كبير من آسيا وإفريقية. والامبراطورية الهندية. ثم الامبراطورية الصينية. وتكادان تكونان مغلقتين على أنفسهما ومعزولتين بعقائدهما واتصالاتهما السياسية وغيرها وهذه العزلة كانت تجعل الامبراطوريتين الأوليين هما ذواتا الأثر الحقيقي في الحياة البشرية وتطوراتها.
وكانت الديانتان السماويتان قبل الإسلام - اليهودية والنصرانية - قد انتهتا إلى أن تقعا - في صورة من الصور - تحت نفوذ هاتين الامبراطوريتين، حيث تسيطر عليهما الدولة في الحقيقة، ولا تسيطران على الدولة! فضلا على ما أصابهما من انحراف وفساد.
ولقد وقعت اليهودية فريسة لاضطهاد الرومان تارة، ولاضطهاد الفرس تارة، ولم تعد تسيطر في هذه الأرض على شيء يذكر على كل حال وانتهت - بسبب عوامل شتى - إلى أن تكون ديانة مغلقة على بني إسرائيل، لا مطمع لها ولا رغبة في أن تضم تحت جناحها شعوبا أخرى.