مشهد المعركة وجوها، هذين التوجيهين الكبيرين الأساسيين في التصور الإسلامي، وفي التربية الإسلامية: «وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ..
«وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» .. نجدهما في أوانهما المناسب، وفي جوهما المناسب حيث يلقيان كل إيقاعاتهما، وكل إيحاءاتهما، في الموعد المناسب وقد تهيأت القلوب للتلقي والاستجابة والانطباع .. ويتبين - من هذين النصين التمهيديين - كيف يتولى القرآن استحياء القلوب وتوجيهها وتربيتها بالتعقيب على الأحداث، وهي ساخنة! ويتبين الفرق بين رواية القرآن للأحداث وتوجيهها، وبين سائر المصادر التي قد تروي الأحداث بتفصيل أكثر ولكنها لا تستهدف القلب البشري، والحياة البشرية، بالإحياء والاستجاشة، وبالتربية والتوجيه. كما يستهدفها القرآن الكريم، بمنهجه القويم. (?)
---------------
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)} [آل عمران:149،150]
يُحَذِّرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ مِنْ إِطَاعَةِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ، الذِينَ حَاوَلُوا إِلْقَاءَ الشُّبُهَاتِ فِي قُلُوبِ ضِعَافِ المُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيّاً حَقّاً لانْتَصَرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمٌ وَعَلِيهِ يَوْمٌ. (وَهَؤُلاَءِ هُمْ أبُو سُفْيَانُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ) لأَنَّ إِطَاعَتَهُمْ تُورِثُ البَوَارَ فِي الدُّنْيا، بِخُضُوعِهِمْ لِسُلْطَانِهِمْ، وَذِلَّتِهِمْ بَيْنَهُمْ، وَفِي الآخِرَةِ فِيمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ العَذَابِ الأَبَدِيِّ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَجَهَنَّمُ بِئْسَ المَصِيرُ وَالمُسْتَقَرُّ.
يَأمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِطَاعَتِهِ، وَمُوَالاَتِهِ، وَالاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيهِ وَحْدَهُ، لأَنَّهُ خَيْرُ نَاصِرٍ لِعِبَادِهِ المُخْلِصِينَ. أمَّا رُؤُوسُ الكُفْرِ وَالضّلاَلَةِ وَالنِّفَاقِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ، وَلاَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ. (?)