ينضموا إلى المجتمع المسلم الذي أصبح يملك دارا يقيم فيها شريعة الله ويحقق فيها وجوده الكامل بعد ما تحقق له وجوده في مكة نسبيا، بالولاء للقيادة الجديدة والتجمع في تجمع عضوي حركي، مستقل ومنفصل عن المجتمع الجاهلي ومواجه له بهذا الوجود المستقل المميز.

وجد هؤلاء الأفراد سواء في مكة، أو في الأعراب حول المدينة. يعتنقون العقيدة، ولكنهم لا ينضمون للمجتمع الذي يقوم على هذه العقيدة ولا يدينون فعلا دينونة كاملة للقيادة القائمة عليه ..

وهؤلاء لم يعتبروا أعضاء في المجتمع المسلم ولم يجعل الله لهم ولاية - بكل أنواع الولاية - مع هذا المجتمع، لأنهم بالفعل ليسوا من المجتمع الإسلامي. وفي هؤلاء نزل هذا الحكم: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا. وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ، إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ» ..

وهذا الحكم منطقي ومفهوم مع طبيعة هذا الدين - التي أسلفنا - ومع منهجه الحركي الواقعي. فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء في المجتمع المسلم ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية .. ولكن هناك رابطة العقيدة وهذه لا ترتب - وحدها - على المجتمع المسلم تبعات تجاه هؤلاء الأفراد اللهم إلا أن يعتدى عليهم في دينهم فيفتنوا مثلا عن عقيدتهم. فإذا استنصروا المسلمين - في دار الإسلام - في مثل هذا، كان على المسلمين أن ينصروهم في هذه وحدها. على شرط ألا يخل هذا بعهد من عهود المسلمين مع معسكر آخر. ولو كان هذا المعسكر هو المعتدي على أولئك الأفراد في دينهم وعقيدتهم! ذلك أن الأصل هو مصلحة المجتمع المسلم وخطته الحركية وما يترتب عليها من تعاملات وعقود. فهذه لها الرعاية أولا، حتى تجاه الاعتداء على عقيدة أولئك الذين آمنوا، ولكنهم لم ينضموا للوجود الفعلي لهذا الدين المتمثل في التجمع الإسلامي .... وهذا يعطينا مدى الأهمية التي يعلقها هذا الدين على التنظيم الحركي الذي يمثل وجوده الحقيقي ..

والتعقيب على هذا الحكم: «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015