هُمْ جُنُودُ الشَّيْطَانِ وَحِزْبُهُ وَحِزْبُ الشَّيْطَانِ هُمْ الخَاسِرُونَ لأَنَّهُمْ فَوَّتُوا عَلَى أَنْفُسِهِم النَّعِيمَ، وَأَوْصَلُوهَا إِلَى الجَحِيمِ وَعَذَابِهِ. (?)

وقال الطبري:" يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -:أَلَمْ تَنْظُرْ بِعَيْنِ قَلْبِكَ يَا مُحَمَّدُ، فَتَرَى إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ تَوَلَّوُا الْيَهُودَ وَنَاصَحُوهُمْ.

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَوَلَّوْا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ {مِنْكُمْ} [البقرة:65] يَعْنِي: مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ وَمِلَّتِكُمْ {وَلَا مِنْهُمْ} [المجادلة:14] وَلَا هُمْ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ مِنْكُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِأَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ إِذَا لَقُوا الْيَهُودَ، قَالُوا {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} [البقرة:14].

وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَهُمْ كَاذِبُونَ غَيْرُ مُصَدِّقِينَ بِهِ، وَلَا مُؤْمِنِينَ بِهِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1]

أَعَدَّ اللَّهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ تَوَلَّوُا الْيَهُودَ عَذَابًا فِي الْآخِرَةِ شَدِيدًا. {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة:9] فِي الدُّنْيَا بِغِشِّهِمُ الْمُسْلِمِينَ. وَنُصْحِهِمْ لِأَعْدَائِهِمْ مِنَ الْيَهُودِ.

ويَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: جَعَلُوا حَلِفَهُمْ وَأَيْمَانَهُمْ جُنَّةً يَسْتَجِنُّونَ بِهَا مِنَ الْقَتْلِ وَيَدْفَعُونَ بِهَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا اطُّلِعَ مِنْهُمْ عَلَى النِّفَاقِ، حَلَفُوا لِلْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْهُمْ. {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [المجادلة:16] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَصَدُّوا بِأَيْمَانِهِمُ الَّتِي اتَّخَذُوهَا جُنَّةً الْمُؤْمِنِينَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فِيهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَفَرَةٌ، وَحُكْمُ اللَّهِ وسَبِيلُهُ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْقَتْلُ، أَوْ أَخْذُ الْجِزْيَةِ، وَفِي عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ الْقَتْلُ، فَالْمُنَافِقُونَ يَصُدُّونَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فِيهِمْ بِأَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، وَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ، فَيَحُولُونَ بِذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَتْلِهِمْ، وَيَمْتَنِعُونَ بِهِ مِمَّا يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ.

وَقَوْلُهُ: {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [المجادلة:16] يَقُولُ: فَلَهُمْ عَذَابٌ مُذِلٌّ لَهُمْ فِي النَّارِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015