أَنْ يُتِمَّ المُسْلِمُونَ لَهُمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ، إِذَا لَمْ يَكُونُوا قَدْ نَقَضُوا العَهْدَ، وَظَاهَرُوا عَلَى المُسْلِمِينَ، وَمَنْ كَانَ عَهْدَهُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيُكْمَلُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

حَدَّدَ اللهُ تَعَالَى لِلَّذِينَ عَاهَدُوا الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم -،وَلَمْ تَكُنْ لِعُهُودِهِمْ مُدَّةٌ مُعَيَّنَةٌ، مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَسِيحُونَ خِلاَلَهَا فِي الأَرْضِ، وَيَتَنَقَلُونَ كَيْفَ شَاؤُوا آمِنِينَ. أمَّا الذِينَ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الرَّسُولِ عَهْدٌ، فَجَعَلَ مُدَّتَهُمْ انْسِلاَخَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ، فَإِذَا انْسَلَخَتْ الأَشْهُرُ الحُرُمُ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا، وَضَعَ الرَّسُولُ فِيهِمُ السَيْفَ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ.

وَيُعْلِمُ اللهُ تَعَالَى هَؤُلاَءِ المُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ، أَيْنَمَا كَانُوا، فَهُمْ خَاضِعُونَ لِسُلْطَانِهِ، وَأَنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَهُ طَلَباً، وَأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ الخِزْيَ عَلَى الذِينَ يَكْفُرُونَ بِهِ.

وَبَلاَغٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَإِنْذَارٌ إِلَى النَّاسِ (أذَانٌ) يَوْمَ عِيدِ النَّحْرِ (لأنَّهُ أَكْبَرُ المَنَاسِكِ، وَمَجْمَعُ النَّاسِ فِي الحَجِّ لِيَصِلَ إِلَيْهِمُ البَلاغُ)،أنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنْهُمْ أَيْضاً، فَإِنْ تَابَ المُشْرِكُونَ وَانْتَهُوا عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلاَلِ، فَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ، وَإِنْ أَصَرُّوا وَاسْتَمَرُّوا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ، فَلْيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُعْجِزِي اللهِ الذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ فِي قَبْضَتِهِ، وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَأَنَّهُمْ لَنْ يَفُوتُوهُ أَبَداً، وَلَنْ يَجِدُوا مِنْهُ مَهْرَباً. وَيُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى الكَافِرِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً إِذَا اسْتَمَرُّوا فِي كُفْرِهِمْ.

وَيَسْتَثْنِي اللهُ تَعَالَى مِنْ تَحْدِيدِ الأَجَلِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، الذِينَ لَهُمْ عَهْدٌ مُحَدَّدُ المُدَّةِ، فَيَأمُرُ اللهُ المُسْلِمِينَ بِإِتْمَامِ عَهْدِهِمْ إِلَيْهِمْ إِلَى مُدَّتِهِ المُحَدَّدَةِ، إِذَا كَانُوا لَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَهُمْ، وَلَمْ يُسَاعِدُوا أَحَداً مِنْ أَعْدَاءِ المُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، لأنَّ اللهَ يُحِبُّ المَتَّقِينَ الذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ.

(وَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الوَفَاءَ بِالعَهْدِ مِنْ فَرَائِضِ الإِسْلاَمِ مَا دَامَ العَهْدُ مَعْقُوداً، وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ مُحَافَظَةُ العَدُوِّ عَلَى العَهْدِ بِتَمَامِهِ نَصّاً وَرُوحاً، فَإِنْ نَقَصَ مِنْهُ شَيْئاً، أَوْ أَخَلَّ بِغَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِهِ عُدَّ نَاقِضاً لَهُ).

فَإِذَا انْقَضَتْ الأَشْهُرُ المُحَدَّدَةُ أَجَلاً لِلْمُشْرِكِينَ، وَالتِي حَرَّمَ اللهُ فِيهَا قِتَالَهُمْ، فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ، حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فِي الأَرْضِ، وَأسُروهُمْ (خُذُوهُمْ)،فَإِنْ شِئْتُمْ أَسْراً، وَإِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015